للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأسَدِ والرجُل الأبْخَرِ (١)، فأخبرنا ما القرينة الظاهرة الجامعة بين السبيل المسلوكة الحقيقية وبَيْنَ قول المتأوِّل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا حرام أو (٢) هذا حلال، وكيف قَطَعَ السيدُ بأن هذا مرادُ الله تعالى وقد عسرَ تفسيرَ القرآن على الظاهر في آيات الأحكام الشرعية التي هي أجلَى من هذا وأقربُ منالاً!!

فإن قلتَ: سبيلُ المفسدين هي قبولُهم لا قولهم.

قلنا: هذا أضعفُ من الأول، لأن القبولَ سبيل القائلين، لا سبيل المقبولين، فإنه لا يَصِحُّ وصفُهم بقبول أنفسهم، فإنَّهم إذا سَمِعُوا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من أحد الثقات من غير أهل البدع، وجب عليهم العملُ بما علموا بالإجماع، ولم يَحْرمْ عليهم قبولُ أنفسهم هذا ما لا يقولُه أحد من أهل المعرفة.

الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ في المفسدين كما أن قوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] يقتضي العموم في المؤمنين، فلا يدل ظاهرُه على وجوب اتِّباع بعض المؤمنين، بل يجب اتباعُ جميعهم، وهكذا هذه الآية ليس فيها تحريمُ اتباع سبيل بعض المفسدين، إنما فيها اتِّباعُ جميع المفسدين، وليس قبول خبرٍ واحدٍ منهم اتباعاً لسبيلهم أجمعين.

فإن قلتَ: العلةُ كونُهُم مفسدين، فلا فرق بينَ اتباع سبيل الواحد والجماعة.


(١) الأبخر: هو الذي نتن ريح فمه، من: بَخِر الفم بخراً: أنتنت ريحه.
(٢) في (ب) و (ش): و.

<<  <  ج: ص:  >  >>