للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوات"، وَبَيَّنَ أنَّه نَقَل كِتابَه عن السلفِ رحمهم الله تعالى، فدلَّ على اعتبار مثل ذلك حيث يُحتاج إليه، وتَقعُ التهمةُ بالإِجماعِ، ذكره حيثُ ذكر ما رُوي مِن أشعار الجن في الكلام على أنَّه لا يجوزُ أن يكونَ القرآن مِنْ كلامِ الجن.

الوجه الخامس: أن أبا هريرة قد روى مناقِبَ علي عليه السَّلامُ في الصحاح، ومِنْ أشهرهَا روايته لحديث خيبر وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لِعلي عليه السلام: " إنَّه يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه، ويُحِبُّه الله وَرَسُولُهُ " (١) فثبت ذلك عنه في صحيح مسلم، فكيف لم ينفعْهُ ذلك مع صِحته عنه، وَيضُرّه ما رُويَ عنه من غير طريق صحيحة مِن نقيضِ ذلك.

الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة، والمُحَدِّثُون عَرَفُوا الكَذَّابين، وحملُوا أكاذيبهم عليهم، والحَمْقَى (٢) من أهل الكلام نَزَّهُوا أولئك الذين جَهلُوا أحوالَهم، وحملُوا أكاذيبهم على المعروفين بالإيمان والإسلام، والصُّحبة، والعدالةِ، والنبالة، وعكسوا ما يجبُ، ألا ترى أن صاحبَ هذا الكلام الذي في " شرح النهج " قَدَحَ في أبي هريرة بروايته لخطبة علي عليه السلامُ بنتَ أبي جهْل وطوَّل في ذلك، ثم نقل عن السيد المرتضى أن الراوي لذلك عن أبي هريرة هو الكرابيسي، وأن الحمل في ذلك عليه. ثم إنَّه تأوَّل ذلك على تقديرِ صحته بتأويل حسنٍ لا يبقى معه قَدْحٌ في رواته، ومع ذلك لم يَذُبَّ عن أبي هُريرة، وتركه مقدوحاً فيه بذلك، وجهل أيضاًً أن ذلك غير مروي عن أبي هريرة في الصَّحاح، ولا أشار إليه الترمذي كعادته،


(١) أخرجه من حديث أبي هريرة مسلم (٢٤٠٥)، وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند مسلم (٢٤٠٤) والترمذي (٣٧٢٤)، وعن سلمة بن الأكوع عند البخاري (٢٩٧٥) و (٣٧٠٢) و (٤٢٠٩) ومسلم (٤٤٠٧)، وعن سهل بن سعد عند البخاري (٢٩٤٢) و (٣٠٠٩) و (٣٧٠١) و (٤٢١٠) ومسلم (٢٤٠٦).
(٢) في (ب): الحُمقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>