للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر، فما علمتُ أن أحداً من أهل المسجد حلَّ حَبوتَه إليهما.

وترك مسلمٌ حديث عكرمة كما تركه مالك، ولم يخرج له مسلمٌ إلاَّ حديثاً واحداً في الحج مقروناً بسعيد بن جبيرٍ، ذكر ذلك الذهبي (١).

وقد تعقب جماعةٌ على هؤلاء، وصنَّفوا في الذَّبِّ عنه، منهم أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الله بن منده الشيعي، وأبو حاتم بن حبان، وأبو عمر بن عبد البرِّ، وخاتمة الحُفَّاظ، حافظ العصر ابن حجر في " مقدمة شرح البخاري "، وفي ترجمة عكرمة من مختصره " لتهذيب الكمال "، وهذا كلامه في مقدمة " شرح البخاري " (٢).

قال: أما أقوال من وهَّاه، فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن عليه برأي الخوارج، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز السُّلطان.

فأما البدعة، فإذا ثبتت عليه، فلا تضرُّ حديثه، لأنه لم يكن داعيةً، مع أنها لم تثبت عليه.

وأما قبول الجوائز، فلا يقدح أيضاً، إلاَّ عند أهل التشديد، وجمهور أهل العلم على الجواز، كما صنف في ذلك ابن عبد البر.

وأما التكذيب فسنبيِّنُ وجوه ردِّه بعد حكاية أقوالهم، وأنه لا يلزم من شيءٍ منه قدحٌ في روايته.

فالوجه الأول فيه أقوال، فأشدُّها ما رُوِيَ عن ابن عمر أنه قال لنافعٍ: لا تكذِبْ عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباسٍ، وكذا ما رُوِيَ عن سعيد بن المسيب أنه قال ذلك لمولاه بردٍ (٣)، فقد روى ذلك عن إبراهيم بن سعد بن


(١) انظر " السير " ٥/ ١٢ - ٣٦.
(٢) ص ٤٢٥.
(٣) تحرف في الأصول إلى: " تود ".

<<  <  ج: ص:  >  >>