قول المحدثين، وأكثرُ ما في الباب أن يُضَعَّف دليلُهُم، فما شأنُ الإنكارِ على من اتّهم بدعوى الاجتهاد، والسَّيِّد ذكر ذلك في الاستدلال على الشكِّ في تعذُّرِ الاجتهاد والقطع بتعسُّره، وأين ذلك الذي قصد من اسم من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في اللغة وما بيْنَ هذين من الملابسة.
الفصل الثاني: في بيان المختار.
والمختار أنَّ ذلك أمرٌ عرفيٌّ اصطلاحيُّ يختلفُ باختلاف الأزمانِ والبُلدان، وقد يُوضَعُ في بعضِ الأزمان اصطلاح لم يكن قبلَ ذلك الزمان، مثل اسم النَّحو، فإنَّهُ اسمٌ مُوَلَّدٌ غيرُ عربي (١) وقد يصطَلِحُ بعضُ أهلِ الفنون في فَنِّهم ما لم يصطلح عليه غيرُهُم مثلَ الكلام، فإنَّه عند النحاة المفيد، وعند المتكلمين: ما تركَّبَ مِن حرفين فصاعداً، فإذا ثبت ذلك، لم يمتنِعْ أن يصطَلِحَ المحدِّثون على أمرٍ في تسمية الصحابة، ويصطَلِحَ الأصوليُّون على خلافه، ويكونَ المفهوم من اصطلاحِ كل فريق ما اصطَلَحُوا عليه، مثل ما يفهم من النحاة متى أطلقوا اسم الكلام أنَّه المفيد، وأنَّ الكلمة الواحدة لا تُسمَّى كلاماً. ويُفهم من المتكلمين متى أطلقوا ذلك خلافَ ما فهمنا من النحاة، ومثل هذا لا حَجْرَ فيه، ولا تضييق -والحمد لله-.
ومدارُ كلام السَّيِّد في هذه الأمور كلها على إنكار مخالفة المحدِّثين لاختياره -أيده الله- في التصحيح وشرائطه، وهذه غفلة عظيمة، لأن تصحيحَ الحديثِ ظنيٌّ اجتهادي، ولذلك اشتدَّ الخلافُ في شرائطه، ألا ترى أنَّ شرط البخاري غيرُ شرطِ مسلم في الرجال والاتصال، وكذلك