للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخصمُ: المرادُ بهذا العموم الخصوص لقرينة دلَّتْ على ذلك إما ما قدَّمنا مِن تخصيصه أو غيرِه، أو يقول: بأن بابَ الخصوص متحقّقٌ فيه، والعمومُ يحتاج إِلى قرينة وهي مفقودةٌ، فهذا محتمل، والاحتمال يمنعُ القطعَ.

الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع، لأنَّه لم يَقْصِدْ تحريم الركون إلى الذين ظلموا على ظاهره، لأن ظاهرَه يقتضي تحريمَ الركون إلى ذواتهم وأجسامهم، ومثال ذلك تحريمُ الأمهات، فإنه لما وُجَّهَ إلى الذواتِ، وجب تأويلُهُ، وكذا تحريمُ الميتة، لما وجه إلى ذاتها في ظاهرها وَجَبَ تأويلُهُ، وقد اختلف العلماءُ في ما ورد على هذه الصفة، فمنهم من قال: يكون مجملاً حتى يَرِدَ بيانه من القرآن أو السنة، ومنهم من قال غير ذلك كما هو مُبيَّنٌ في الأصول، فكان يجب على السَّيِّد إبطالُ القول بالإجمال في هذا الجنس بدليلٍ قاطع.

الإشكال العاشر: سلمنا للسيدِ -أيَّده الله- أن القولَ بالإجمال في هذا ضعيف وفي أمثاله، لكن القول المنصور في الأصول أن التحريمَ ينصرِفُ إلى الأمير العُرفي السابق إلى الأفهام، وهو يختلِفُ، ففي تحريم الميتة يسبِقُ إِلى الفهم تحريمُ الأكل، وفي تحريم الأمَّهَاتِ يسبِقُ لنكاحُ لا النظر، وفي تحريم الأجنبيات يسبقُ النكاحُ والنظر ونحو ذلك، فنقول للسيد: لا يخلو إما أن يكونَ في تحريم الركون عُرْفٌ يَسبق إلى (١) الفهم كما في الميتة والأمهات أو لا، إن كان فيه عُرْفٌ لزم المصيرُ إليه، لكنا نعلم أنَّه لم يثْبت عُرْفٌ في أن الركونَ هو قبولُ قوْلِ المتأوِّل المظنون صِدقُه


(١) في (ب): إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>