للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" شفاء الأوام "، والقاضي زيدٌ، وعبد الله بن زيد. ورووا (١) إجماع الأُمَّة والعترة على ذلك من عشر طرقٍ وغيرهم، وقد تقدم ذكر طرق ذلك مستوفاةً في مسألة المتأولين.

قال الوجه الرابع: مما يدلُّ على أن في أخبار كتبهم التي يسمونها الصحاح ما هو مردودٌ أن في أخبار هذه الكتب مما يثبت التَّجسيم والجبر والإرجاء ونسبة ما لا يجوز إلى الأنبياء، ومثل ذلك يضرب به وجه راويه (٢)، وأقل أحواله أن يكذب فيه إلى آخر كلامه في هذ الوجه.

أقول: هذا مقامٌ وَعِرٌ قد تعرَّض السيد له، وأبدى صفحته، وأراد أن يكذب الرواة في كل ما لم يفهم تأويله، وهذا بحرٌ عميقٌ، لا يصلُحُ ركوبه إلاَّ في سفين البراهين القاطعة، وليلٌ بهيمٌ لا يَحْسُنُ مسراه إلاَّ بعد طلوع أهلة الأدلة الساطعة، وسوف أُجيب عليه في ما ذكره، وأذكر من حُججه ما سطَّره، وقبل الخوض في هذه الغَمْرة أُقدِّمُ مقدِّماتٍ:

المقدمة الأولى: الاعتراف بأن كل ما خالف الأدلة القاطعة المعلومة من العقل أو السمع، وكان من أحاديث الآحاد المظنونة (٣)، فإنه غير معمولٍ به.

فإن ثبت (٤) دليلٌ على أنه لا يمكن تأويله، وجب ردُّه على راويه، على ما يأتي بيانه في مراتب الرَّدِّ، وإن لم يقم دليلٌ على امتناع ناويله، ترك غير معمولٍ به ولا مقطوعٍ بكذبه.

وإنما ذكرتُ هذه المقدِّمة، وصدَّرتُها قبل الكلام على هذه الجملة، لئلاَّ يتوهم أحدٌ أنِّي أقول بغيرها، فقد كثُر الغلط عليَّ في مواضع، ثم إن السيد أيده الله قد روى في " تفسيره " الأوسط بعض هذه الأحاديث التي أنكرها، ونص على صحتها، وعلى تأويلها، وهي من أشدِّ ما ورد في المتشابه، وذلك أنه قال في


(١) في (ف): " وروى ".
(٢) في (ف): " رواته ".
(٣) في (ش): " من الأحاديث المظنونة ".
(٤) في (ش): " دل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>