للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، وإن دليلَه لا يخفي على أحدٍ من العُقلاء. وسيأتي كلامُ أبي طالب عليه السلامُ الذي أورده في دعوى الإجماع.

فإن قلْتَ: كيف تروي الإجماعَ مِن طريق أبي طالب، وهو متوقف في صحته؟

قلتُ: إنَّما قصدتُ التمسك برواية الإجماعِ عن الفقهاءِ من طريقه عليه السلامُ، فإنَّه قد روى عن الفقهاء بأسرهم أنَّهم رَوَوا الإجماعَ، وهو عليه السلامُ ثقة، والفقهاءُ ثقات أيضاًً.

الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد (١) رحمه الله تعالى، وذلك ما رواه الأمير الحسين بن محمد (٢) رحمه الله في كتاب " التقرير " فإنَّه قال فيه ما لفظُه: وفي " الوافي ": لا بأسَ بشهادة أهلِ الأهواءِ إذا كان لا يرى أن يَشْهَدَ لموافقه بتصديقه وقبول يمينه تجريحاً.

قال القاضي زيدٌ رحمه الله: وذلك لأنَّ الإجماعَ قد حَصَلَ على قبول خبرهم، فجاز أن تُقْبَلَ شهادتُهم، هذا كلامُ القاضي زيد رحمه الله وهو نظيرُ كلامِ المنصور بالله عليه السَّلامُ في " المهذَّب " في تخصيص دعوى الإِجماع بقبول الأخبارِ دونَ الشهادة، وقياس الشهادة عليها، وكثيرٌ مِن العلماء ادَّعى الإجماعَ على قبول الشهادة والأخبار معاً، كما هو بَيِّنٌ فيما نقلناه عنهم، وكلامُ القاضي زيد يَعُمُّ الكفارَ والفُسَّاقَ، فكيف وإنَّما


(١) انظر فهرس مخطوطات المكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء ص ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٢) هو الأمير الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى، من نسل الهادي إلى الحق يحيى بن الحسن، فقيه من علماء الزيدية من بيت الإمامة، له تآليف كثيرة أشهرها: " شفاء الأوام في التمييز بين الحلال والحرام "، و" الأجوبة العقيانية على الأسئلة السفيانية "، تُوفِّي سنة (٦٦٢) هـ. انظر " فهرس مخطوطات المكتبة الغربية ": ٨٥ - ٨٩، و" الأعلام " للزركلي ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>