للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب الأول -يعني قبولَ المتأولين- هو الرجوعُ إلى إتِّفاقِ الصحابة والتابعين على ذلك قالوا: لأن المعلومَ مِن حالهم أنهم كانوا يُراعون في قبول الحديث والشهادة الإِسلامَ الذي هو إظهارُ الشهادتين، والتنزّه عمَّا يُوجب الجرحَ، وُيسقِطُ العدالةَ من أفعالِ الجوارح دونَ أمر المذاهب، وأنهم كانوا مجمعينَ على التسوية بين الكل فيمن هذه حاله في قبول شهادته وحديثه مع العلْمِ باختلافهم في المذاهب، وهذه حكايةٌ من أبي طالب عليه السَّلامُ عن جميع الفقهاء أنَّهم ادَّعوا العلم بالإجماع.

ولما فرغَ مِن الحكاية أرادَ عليه السَّلامُ أن يُحَرِّرَ دعواهم للإجماع بِأفْصحَ مِن عبارتهم، ويقَرِّرَ مَا رَوَوهُ بأوضح مِن دلالتهم، فقال عليه السلام ما لفظُه: وُيمكن أن يُزاد في نصرة هذه الطريقة أن يقال: إنَّه لا إشْكَال في حدوثِ الفسق في أواخر أيَّامِ الصحابة فيما يتعلَّق بالاعتقاد، كمذهب الخوارج، وفيما يتعلق بأفعال الخوارج كفعل (١) البُغاة، والمعلوم من أحوال جماعتهم أن شهادتَهم كانت تُقْبَلُ وأخبارُهم لا تُرَدُّ، ولو رد ذلك لكان ينقل الرد كما نُقِلَ سائرُ الأحوال المتعلقة بمنازعة بعضهم لبعض. ثم تكلَّم عليه السلامُ في ما يُجاب به، وما ينقض به تلك الأجوبة على منهاج أهل النظر والإنصافِ من غير تجريح على المخالف، ولا دعوى لِوضوح (٢) دليله في المسألة حتَّى لا يخفى على أحدٍ، كما فعل السَّيِّد أيده الله، ولم يَرْضَ بعبارتهم في دعوى الإِجماع حتى هذَّبها، فأحسنَ تهذيبَها، وحرَّرها فأجاد تحريرَها، وختَمَ كلامَه في المسألة بأن قال: والمسألةُ محتمِلَةٌ للنظر. ولم يقل كما قال السَّيِّدُ -أيَّده الله-: إن المسألة قطعيةٌ، وإن الحق معه دون


(١) في (ب): كأفعال.
(٢) تحرفت في (ب) إلى: " لو صرح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>