للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صحَّتها، وإنَّما رواه سيف بن عمرو المؤرِّخ، وهو مجروحُ العدالة، وأرسلها معه (١) أبو حذيفة البخاري بغير إسناد، ولا أعرف حاله، وأسندها أبو عتَّاب الدَّلال عن أبي كعب صاحب الحرير فيما حكاه الذَّهبي في " النبلاء " (٢) وقد تقصَّى طرقها، وإليه المنتهى في هذا الفنِّ، فَأَفِدْنَا مَنْ عدَّل هؤلاء، ومن عدَّل المعدّل حتى انتهى إليك كما ألزمتنا فيما هو دُونَ هذا.

الوهم السادس: قال (٣): فإن يُعْتَدَّ بشهادةِ هؤلاء في الجرح، لا في الحدِّ، فالمغيرةُ مجروحٌ، وإن لم يُعْتَدَّ بشهادتهم، فأبو بكرة قاذِفٌ وصاحباه، فلا يَروِي عن واحدٍ منهم الرُّواة.

أقول: إن كان المرادُ جرحَ المغيرة بالبغي فقد مضى، وإن كان بهذا وحدَه، فالجوابُ من وجهين معارضةٌ وتحقيق.

أمَّا الوجة الأول: وهو المعارضة، فذلك بنظائرِ هذا في الشريعة مما لم يقبح أحدٌ من العلماء على أهلِ الاجتهاد شيئاً من أقوالهم فيها مثلُ المتلاعِنيْنِ، فقد وقع اللِّعان في عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه، ولم يكن جَرحاً في المتلاعِنَيْنِ، ولو كان جَرحاً، كان حراماً، ولم يشرعْهُ اللهُ، ولا


(١) في (ش): " مع " وهو تحريف.
(٢) ٣/ ٢٧ - ٢٨، وسيف بن عمر هو الضبي الكوفي، مصنفُ الفُتوحِ والرِّدة وغير ذلك، ضعَّفَه يحيى بن معين، وقال: فَلْسٌ خيرٌ منه، وقال أبو داوود: ليس بشيءٍ، وقال أبو حاتم: متروك، وقال ابنُ عدي: عامةُ حديثه منكرٌ، وقال الذهبي: هو كالواقدي. وأبو حذيفة البخاري: هو إسحاق بن بشر بن عبد الله بن سالم البخاري مولى بني هاشم، وُلد ببلخ، واستوطن بُخارى، فنسب إليها، وهو صاحب كتاب " المبتدأ "، وكتاب " الفتوح " تُوفي سنة ٢٠٦ هـ. قال الذهبي في " الميزان " ١/ ١٨٤: تركوه، وكذبه علي بن المديني، وقالَ ابنُ حبان: لا يحلُّ حدتُه إلا على جهةِ التعجب، وقال الدارقطني: كذاب، متروك.
(٣) في (ب): من قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>