للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدح على من فعل ذلك اجتهاداً أو تقليداً.

وبهذا الكلام تم القسم الأول من أقسام المخالطة، وهو المخالطةُ لنيلِ شيءٍ من الدنيا على وجهٍ يحِلُّ.

القسم الثاني: المخالطة للمصالح المتعلِّقة بالعامة من الشفاعة للفقراء، والتبليغ بالمظلومين (١) أو نحو ذلك، أو المصالح الخاصة بالملوك من وعظهم أو تذكيرهم وتعريفهم بما يجب للمسلمين وتعليمهم معالم الدين، وسواءٌ كان ذلك على جهة التصريح (٢) أو التلويح مع حُسْنِ النية، وهذا القسم يكونُ مستحبّاً غير مكروهٍ، وسواء كان الغرض الحاصل من ذلك تركهم للباطل كله، أو تركهم لبعضه، وتخفيفَهم منه، إلاَّ أن يكون في الزمان إمامُ حقٍّ يدعو إلى حرب الظَّلَمَةِ، فإن المصير إليه هو الواجب، وإنما قلت: إن هذا يكون مستحبَّاً، لِمَا ورد في ذلك من الآثار الصحيحة، مثل قوله عليه السلام: " أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائرٍ " (٣). وقوله عليه السلام في الحديث الصحيح: " الدين النصيحة ". قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: " لله ولكتابه ورسوله، ولعامة المسلمين وأئمتهم " (٤)، فالسلاطين من جملة عامة المسلمين -أعني أهل الملة- ولأن الأنبياء عليهم السلام كانوا يخالطون الكفار لمثل ذلك، ولأن الحسن عليه السلام كان يُخالط معاوية، ويدخُلُ عليه، ويُكاتبُه لمثل ذلك.

ومن كلام الإمام الداعي يحيى بن المحسن في " الرِّسالة المخرسة لأهل المدرسة " قال عليه السلام: لا يجوز أن تكون الموالاة هي المتابعة فيما يمكن التأويل فيه، لأن كثيراً من أهل البيت عليهم السلام قد عُرِفَ بمتابعة الظَّلَمةِ


(١) في (ف): " للمظلومين ".
(٢) في (ف): " مع التصريح ".
(٣) تقدم تخريجه ٢/ ٦٨ و٤/ ٢٤٥.
(٤) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه ١/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>