للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوجهٍ يُوجبُ ذلك، فتولى الناصر الكبير عليه السلام منهم، وصلى لهم الجمعة جعفر الصادق، وصلَّى الحسن السِّبط على جنائزهم، وأقام علي بن موسى الرِّضا مع المأمون، وكثر جماعته، وتزوَّج ابنه محمد ابنة المأمون وغير ذلك.

والوجه فيه أن الفعل لا ظاهر له، فتأويله ممكنٌ إلى كلامٍ حذفناه، قال في آخره: لا تكون المتابعة فيما يمكن التأويل فيه موالاة، لأن كثيراً من العِترة عُرِفَ بمتابعة الظلمة لوجه، كما ذكرناه.

القسم الثالث: المخالطة للتقية، وهي جائزةٌ، لِنَصِّ القرآن، قال الله تعالى: {إلاَّ أن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، وسواءٌ أظهر المخالط أنه خالط لأجل التقية، أو لم يظهر ذلك، فإن الأكثرين لا يتمكنون من إظهاره، بل التقية تقتضي كتم ذلك.

القسم الرابع: المخالطة لأجل الجهاد والغزو معهم للكفار، ممن يستجيزُ ذلك. وقد فعل ذلك غير واحد من الصحابة والتابعين وغيرهم من خيار المسلمين، بل قد قام الجِلَّةُ والفضلاء مع المختار الكذاب الذي ادعى النبوة، وكَذَبَ على الله ورسوله لما قام بثأر الحسين عليه السلام، وهذا أيضاً لا يُعترض على فاعله، لأنه ظني لا قاطع على تحريمه.

القسم الخامس: المخالطة لأجل القرابة والرحامة، وهذا أيضاً جائزٌ، وقد رخَّص الله تعالى للمسلمين في صِلَةِ المشركين على العموم إذا لم يجاهروهم بالحرب والإخراج من الديار، وفي " الكشاف " (١) أن قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٨] الآية، نزلت في قتيلة بنتِ عبد العزى أم أسماء بنت أبي بكرٍ، قَدِمت وهي مشركةٌ إلى بنتها، فلم تقبل هداياها، فنزلت الآية، وفي " صحيح البخاري " (٢) معنى هذا ولفظه.


(١) ٤/ ٩٢.
(٢) برقم (٢٦٢٠) و (٣١٨٣)، وانظر " صحيح ابن حبان " (٤٥٢) و (٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>