للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورةً من الدِّين، وربما حصل للسني (١) برؤية الأمور الاعتبارية، والاغتباط بعلمه، فإن من لم يعرف علم الكلام ربما جوَّز أنهم على حقائق قد فازوا بمعرفتها دون الخلق، فلا بأس عندي بالنظر فيه لذلك ممن هو كامل الإيمان من غير تحكيمٍ للرأي على السنة والقرآن، ولا يوجد في النصوص الصحيحة ما يُحرِّم هذا القَدْرَ (٢)، والله أعلم.

إذا عرفت هذا، فاعلم أن الأشعرية والمعتزلة قد افترقوا في ذلك عشر فِرَقٍ أو أكثر من ذلك.

الفرقة الأولى من المعتزلة: ذهبت إلى أن فعل العبد جعل الذات الثابتة عندهم في العدم على صفة الوجود، فإن تلك الذات غير مقدورةٍ ولا الوجود ولا مجموعهما كما مر ذكره.

الفرقة الثانية منهم: جعلوا الوجود هو مقدور العبد وأثر قدرته، وهو عندهم صفة أو حال وليس بشيءٍ حقيقيٍّ، ذكرهما عنهم ابن المُطَهِّر الحِلِّي في شرح " منتهى السُّول " (٣) في الكلام على الاشتقاق لاسم الفاعل.

الفرقة الثالثة منهم: قالت: لا فعل للعبد إلاَّ الإرادة، منهم: الجاحظ وثُمامة (٤)، وسيأتي أنه مثل قول بعض الأشعرية: إنه لا فعل له إلاَّ الاختيار.


(١) في (أ): للشيء، وهو خطأ، والمثبت من (ش).
(٢) لفظة: " القدر " لم ترد في (ش).
(٣) ابن المطهر الحلِّي مر التنبيه على ترجمته في الجزء الثاني ص ١٢٣ من هذا الكتاب، وشرحه لكتاب " منتهى السول " سماه " غاية الوضوح وإيضاح السبل في شرح منتهى السول والأمل " قال ابن كثير عنه في " البداية والنهاية " ١٤/ ١٢٥: رأيت له مجلدين في أصول الفقه على طريقة " المحصول " و" الإحكام "، فلا بأس به، فإنه مشتمل على نقل كثير، وتوجيه جيد.
(٤) هو ثُمامة بن أشرس أبو معن النُّميري البصري المتكلم، من رؤوس المعتزلة شيخ الجاحظ، توفي سنة ٢١٣ هـ. انظر ترجمته في " سير أعلام النبلاء " ١٠/ ٢٠٣ - ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>