الفصل الثاني: في الدليل على قَبول المتأوِّلين، ومعارضة الحُجَجِ التي أوردهَا السيدُ مِن العمومات والأحاديث، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: الكلامُ (١) في الفاسق بالتأويل. والذي حَضَرني الآنَ مِن الحجج على قَبوله خمسُ وثلاثون حُجةً، منها ما أوردتهُ للاعتماد عليه في الاحتجاج، ومنها ما أوردتهُ معارضةً لما أَورَدَه السَّيِّد من العمومات البعيدة.
الحُجَّة الأولى: الإجماعُ، وهو مِن أقوى ما يُحْتجُّ به في هذه المسألةِ؛ لأن حجج السَّيِّد كُلَّها عامَّةٌ، وهذه الحجة خاصةٌ، والإجماع الخاصُّ مُقَدَّمٌ على العمومات بإجماع، لأنَّه متأخر عنها، مُبيِّنٌ لها، فهو في أرفع مراتب الأدلَّةِ الظاهرة، وأقوى المتمسَّكَاتِ في مثل هذه المسألةِ، والذي يدل على صحة هذا الإجماعِ وجهان:
الوجه الأول: أنَّه قد ادَّعى جماعةٌ مِن الأئمة عليهمُ السَّلامُ، وخلقٌ مِن سائر علماءِ الإسلام أنَّ الصدرَ الأوَّل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على قَبولِهم، ونقل هذا الإجماع عَدَدٌ كثير لا يأتي عليه العَدُّ، وأنا أُشير إلى جماعةٍ يسيرة من أعيانهم لم أتمكَّن في الوقت مِن ذكر أكثر منهم، وقد شكَّ جماعة من العلماء في صحة دعوى الإجماع من غير قطع على بطلانه، ولا رواية لِخلاف كان في ذلك بين الصحابة.
فاعلمْ أَنَّه لم يُنْقلْ عن أحدٍ مِن الصحابة أنَّه لا يقبلُهم ألبتة، وكذلك