للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية له، وذلك محال، وكذلك ما أدى إليه وهو القول بأن الاختيار شيء ثُبوتيٌّ.

ثم ذكر الرازي أن العبد يفعل الاختيار عند الداعي الراجح من غير جبرٍ كما يفعل الله تعالى الواجب في حكمته عند المعتزلة وجوباً من غير جبرٍ.

قال: ولا يصح للمعتزلة أن تلزم الجبر بذلك لوجهين:

أحدهما: أن الداعي عند المعتزلة غير موجب.

قلت: بل هو كذلك عند الجميع، فهذا الرازي من الغُلاة فيه قد نص في " النهاية " على بقاء الاختيار مع الداعي الموجب كما يأتي.

قال الرازي: وثانيهما: أنهم يقولون بمثل ذلك في حق الله تعالى، ولم يقتض أنه عندهم غير مختار.

وبهذا يعرف خطأُ الغزالي على أهل السنة حيث نسب خلق الاختيار إلى من يقول بالكسب، وينفي الجبر في الرسالة القدسية في أوائل كتاب " إحياء علوم الدين " (١)، إلاَّ أن يكون أراد بالاختيار التمكن، كما قال الجويني في مقدمات " البرهان " (٢): لا يُكلف إلاَّ المتمكِّن، ولا يصح التكليف إلاَّ بالممكن. فلا شكَّ أنا خُلِقنا متمكِّنين مختارين بغير اختيارنا، كما تقدم في المرتبة الأولى من هذه المسألة.

فهذا الرازي والبيضاوي والشهرستاني المقدمون في هذا الفن، المعوِّلون عليه في جميع أعمارهم لم يَنْسِبوا إلى أحدٍ من فرق السنة شيئاً من ذلك، وقرروا القول بأن الاختبار أثرُ قدرة العبد لا أثر قدرة الله تعالى.

وحقق ذلك الرازي بأنه ليس بشيء حقيقي، واحتج على ذلك موضحاً أن


(١) ١/ ١١١.
(٢) ١/ ١٠٥ بتحقيق الدكتور عبد العظيم الديب.

<<  <  ج: ص:  >  >>