للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقيب الفائدة الرابعة في العمل مع القدرة (١)، وذلك لطول الكلام فيها، فتوسُّطُه مع طوله يقطع تمام الكلام في القدر، ويفرِّق اجتماع فوائده، والله أعلم.

الفائدة الرابعة: بيان أن خلاف العلم والقدر ممكنٌ مقدورٌ غيرُ محالٍ في النظر إلى ذاته، وإن كان غير واقع قطعاً لعارضٍ آخر، وهو المسمى في الأصول: الممتنع لغيره، والذي يدل على ذلك وجوهٌ، ذكر الرازي كثيراً منها، وذكر أكثرها مختارٌ في " المجتبى " في الرد على الرازي بالمعنى.

الأول: لو كان ذلك محالاً، لانتقض بجميع أفعال الله تعالى، أو لزم تعجيزه سبحانه، لأن ما فعله، عَلِمَ فِعْلَه، وكان قادراً على تركه، وما تركه، علم عدمه، وكان قادراً على إيجاده، بل هو أولى في حقه، لأنه قد سبق علمه بأفعاله، وهو يعلم ما سبق في علمه مع قدرته على خلافه، بخلاف العبد، فإنه لا يعلم ما عَلِمَ الله في المستقبل، لكن المسلِمَ بعد الشيء (٢) بعلم أن الله قد علمه، وأما الكافر، فلا يعلم ذلك أصلاً (٣).

ولذلك كانت الحجة على العبد باقيةً، والابتلاء له صحيحاً، حيث لم يكن له أن يقول: إنما عصى الله، لأن الله علم ذلك، فإنَّ علم ذلك محجوبٌ عن العبد، فدلَّ على كذبه باعتذاره (٤) بذلك إن اعتذر به.

على أنه لو صح أن يحتج العبد بذلك، لكان الله تعالى أولى من العبد بذلك في الاحتجاج على حسن تعذيبه بمجرد سبق العلم بذلك كما مضى تقريره.


(١) في (ف): القدر.
(٢) في (ف): بعد فعله الشيء.
(٣) في (أ) و (ف): " أهلاً " وكتب فوقها: " أصلاً ".
(٤) في (ش): باعتقاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>