للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل سبقُ قصد الخير بالشر يقتضي الـ ... ـتطابق بين الابتدا والخواتمِ

وهل جائِزٌ كِتمانُ بعض المُراد إذْ ... تساوى الورى والربُّ ليس بلازمِ

أو الرب مُبدٍ للبَواطِن كُلِّها ... مُبينٌ لإخفا سِرّه غير كاتِمِ

وأكثر أصحاب الكلام تكلَّفُوا ... وجَاؤوا بآراءٍ ضِعاف الدَّعائمِ

فلا وقفوا في المشكلات ولا أتَوا ... لديها بآراءٍ صِلاب المعاجمِ

فَمِنْ قاصِدٍ تنزيهه لو رَعَى له ... مِن الجَبَروت الحَقِّ غير التَّعاظُمِ

ومن قاصدٍ تعظيمه لو رعى له ... مَحامِد ممدوحٍ بأحكم حاكمِ

وحافظَ كُل العارفين عليهما ... وهذا الصراط المستقيم لقائم

ولعلها من أحسن ما قيل في هذا المعنى لا سيما إن يسَّر الله لها شرحاً شافياً.

وقد تكلَّم ابن قيم الجوزية في ذلك في كتابه " حادي الأرواح إلى دار الأفراح " (١) وجوَّد، ولكنه مائلٌ إلى نُصرة شيخه ابن تيمية بالكُلِّيَّة، غيرُ (٢) متعرض لنصرة غيره، والله سبحانه عند لسان كل قائلٍ وقلبه ونيته.

ولما كانت أحوال الخاصة تخالف أحوال العامة في التَّطلُّع إلى معرفة الأدلة والانتقاد، خصوصاً في مسائل الاعتقاد، وأحوال العامة لا تصلح بالخوض في الدقائق والتولج في المضايق، جعلت بسط الكلام في هذه المسألة الكبرى فُسحةً (٣) في هذا الموضع من " العواصم "، من شاء من الخاصة أثبتها لانتفاعه بذلك، ومن شاء من العامة تركها لعدم صلاحيته لسلوك (٤) هذه المسالك، والحمد لله الذي وفق لذلك. ومن أثبتها، فليجعلها مُؤَخَّرَةً من هذا الموضع إلى


(١) ص ٢٤٩ - ٢٥٤.
(٢) " غير " ساقطة من ش.
(٣) في (ف): فسيحة.
(٤) في (ش): لشكوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>