الإشكال الثالث: أن نقولَ للسَّيِّد أيدَهُ اللهُ: إذا كنتَ مقرّاً أنَّ المؤيَّدَ بالله عليه السَّلامُ خالف في هذه المسألة، فإما أن تقول: إن الخلافَ فيها حرام أم لا، إن قلت: إنَه حرام كنتَ قد نسبت المؤيَّدَ بالله عليه السلامُ إلى ما لا يجوزُ من غير دليل، وإن قلتَ: إن الخلافَ شائع، فما لك والترسل على محمدِ بنِ إبراهيم في أمرٍ مباحٍ أو مندوبٍ.
قال: وأما الهادي عليه السلامُ، والقاسمُ عليه السلام، فروى الشيخُ أبو جعفر عنهما إنهم لا يقبلون، وقال أبو مضر عنهما: إنهم يقبلُون، وروايةُ الشيخ أبي جعفر أولى وأحرى على أصولِهما.
أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:
الإِشكالُ الأوَّلُ: أنا نقول: لما تعارضتِ الروايتانِ عن القاسم ويحيى عليهما السلام، شرع السيدُ يرفع التعارضَ بالترجيح، فرجح روايةَ أبي جعفر وهو نافٍ على روايةِ أبي مُضر وهو مثبت، وقد قدَّمَ قبل هذا بنحوٍ من أربعة أسطرٍ أو ثلاثة أن المثبت أولى من النافي حيث ظنَّ أن راويَ الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ، وليس كذلك، بل هما مثبتانِ كما بيناه آنفاً، فلما وَصَلَ إلى النافي والمثبت على الحقيقة، قَدَّمَ النافي على المثبت، وهذا عجيبٌ، فلا أدري ما عُذْرُهُ.
الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ أصولَ الهادي والقاسم عليهما السَلام، وقد قدمنا أنَّ هذا معيبٌ عند النظار، لأن خصم السيِد -أيده اللهُ- ليس ملتزماً لما ترجَّحَ للسَّيِّد على جهةِ التقليد له، إذاً لكان تابعاً لا منازعاً، فكان يجبُ عليه أن يُبيِّنَ أصولَ القاسم والهادي عليهما السلامُ هذه التي ادعى عليها أنَّها توجِبُ رد قبولِ المتأولين، فإنا نخاف أن يكون السَّيِّدُ -أيَّده الله- استخرج ذلك لهما من وجه ضعيف.