للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنَكَّبْ عن طريق الجبر واحذر ... غَوَائِل مُبْدَعَاتِ الاعتزال

وسِرْ وَسطاً طريقاً مستقيماً ... كما سار الإمام أبو المعالي

بأفْعالِ العِبَادِ غَدا إماماً ... رِضا عندَ التفرُّق غير غالي

تكميلٌ يناسِبُ هذه الخاتمة: قال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.

وكذلك قال في سورة الناس، وكذلك قال في سورة آل عمران: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦] ولم يجعل الشر بيده مُسَمّى باسمه، ولذلك نظائر كثيرةٌ في كتاب الله تعالى.

منها قوله: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} [النحل: ٥٣ - ٥٤].

وقوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: ٦٢].

فانظر إلى ما في هذه الآية من الإرشاد إلى حسن العبارة فيما يُصاف إلى الله تعالى من النعمة وكشف الضُّرِّ اللَّذَيْنِ يسمى بهما مُنعِماً وكاشف الضُّرِّ، دون الضر نفسه، وإن كان من فعله، لأنه ليس بضُرٍّ بالنسبة إلى حكمته.

ألا ترى أن إنزاله الضر بالظالم هو عين المنع للمظلوم، فهو يسمى به عادلاً بالنظر إلى الظالم، نافعاً محسناً بالنظر إلى المظلوم، ولذلك كثر مثل هذا في كتاب الله، وفي كلام أنبياء الله مثل إبراهيم الخليل عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] أضاف المرض إلى نفسه، لأنه قد يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>