للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت المعتزلة: القول بأن أهل النار خُلِقُوا لها يستلزم أن لا يجب عليهم شكر نعمة الله وحمده عليها سيما إذا لم يتأول قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ (١) الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران: ١٧٨] وتأويل الآية صعبٌ لأنها من النصوص المصادمة للتأويل، وهو مشترك الإلزام في الشكر على العقوبة، أما الحمدُ، فلازم على كل حال كما ورد به الأثر، وكما يقتضيه النظر، ولكل طائفة جواب من جهة الشكر خصوصاً، ومن جهة الحمد عموماً.

وجواب أهل الحقِّ في ذلك من وجهين:

أحدهما: ما تقدم في مسألة المشيئة في آخر الدليل الثالث مبسوطاً، وتحقيقه المنع من كون الله ما خلق الكفار إلا للعذاب، بل خلقهم سبحانه لحكم كثيرة غير لا منحصرة وردت النصوص بذكر كثيرٍ منها مما يشهدُ له سبحانه بالنعم السابغة، والحكم البالغة، والبراهين الدامغة.

منها: الإحسان إليهم قبل كفرهم، واستحقاقهم العقوبة بما يوجب عليهم


(١) في (أ): " تحسبن " بالتاء خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي قراءة حمزة، وموضع " الذين " نصب المفعول الأوَّل من " تحسبن " وكفروا صلتُه، و " أن " وما اتَّصل في موضع المفعول الثاني، وقرأ عامة القراء: {ولا يحسبن} إخبار عن الذين كفروا، فموضع " الذين " رفع بفعلهم، و " أن " وما بعدها سدَّت مسدَّ مفعولي " يحسبن ". " انظر: " حجة القراءات " ص ١٨٢، و " الدر المصون " ٣/ ٤٩٦ - ٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>