للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكره، ثم العفو عن تعجيل العقوبة بعد استحقاقها كما مرَّ في حديث " لو لم تُذنبوا " (١)، وذلك قبل الإملاء لهم، لِيزدادو إثماً، وقد ذكرت من ذلك سبعة أمور، أولها هذا.

وثانيها: خلقهم لعبادته بالنظر إلى أمره (٢) ومحبته.

وثالثها: الابتلاءُ بالنظر إلى عدله وحجته.

ورابعها: ظهورُ عدله في تعذيبهم على كفر نعمه، وجحد حجته بالنظر إلى خبره وعلمه وقدره وكتابته.

وخامسها: الحكمةُ الأولةُ المرجِّحة لذلك على عفوه عنهم، التي هي تأويل المتشابه بالنظر إلى حكمته وإرادته ومشيئته، وعلى هذا مدارها.

وسادسها: ما لا يُحيط بجميعه إلاَّ هو بالنظر إلى سعة علمه ورحمته.

وسابعها: ما للمؤمنين في خلقهم من اللطف والنفع في دنياهم ودينهم وأُخراهم، وهو (٣) يستحق من الجميع على حكمته، كما يستحق الشكر من أهل النعم على نعمته، كما تقدم مبسوطاً في موضعه.

الوجه الثاني: القطع بأن مراد الله بالشر خير، لأن الحكيم لا يريدُ الشر لنفسه، وإنما يريده لغيره، لحديث " سبقت رحمتي غضبي " (٤)، وحديث " والشر ليس إليك " (٥) كما تقدم تقريرُه، وكما أوضحه الغزالي في " المقصد الأسنى " (٦) في شرح " الرحمن الرحيم ".

فكل شر أراده الله، فهو لحكمة هي خيرٌ محضٌ، وإن لم يحط بها أحد،


(١) تقدم تخريجه في ٤/ ١٦١.
(٢) في (ش): مراده.
(٣) في (ش): وهذا.
(٤) تقدم تخريجه في ٥/ ١١٠.
(٥) تقدم تخريجه في ٥/ ١٣١.
(٦) ص ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>