الحنفية، وأسقط الزهري تدليساً، لأن الحديث لا يُعرف عن الحسن إلاَّ مِنْ طريق الزهري، بل لم يصح عن عليٍّ عليه السلام من وجهٍ من الوجوه إلاَّ وهو يدور على الزهري. ويدل على تدليس الثوري للزهري فيه أن المؤيد بالله عليه السلام رواه في " التجريد " عن أبي زُبَيْد عَبْثَرِ بن القاسم، عن الثوري، عن مالكٍ، عن محمد بن مسلم -وهو الزهري- عن الحسن بن محمد بن الحنفية، فدلَّ على أن الثوري حين احتاج إلى حديثه، رواه مرة بتدليسٍ وعُلُوٍّ، ومرةً بتصريحٍ ونزولٍ على أن إسحاق بن راشدٍ روى عن الزهري أنه لم يسمع هذا الحديث من الحسن، وأنه قال: لو سمعته من الحسن، لم أشك، وقد كان الزهري يدلس أيضاً، ولم يأت عنه التصريح هنا بسماعه إلاَّ من طرف مُعَلَّة فيُحرَّر ذلك.
وأما حديث الزهري، فهو مشهورٌ في كتب أهل البيت عليهم السلام. وفي سائر دواوين الإسلام، وفي كتب الفضائل، وكتب الحلال والحرام، وذكر الحاكم في " علوم الحديث " على تشيعه أنه ممن يجمع حديثه من ثقات أهل العلم كما يأتي قريباً.
المرتبة الرابعة: فيما يدلُّ على علمه وتوثيقه وعدالته من كلام من صحبه وخَبَرَهُ من علماء التابعين المُجمع على عدالتهم، وكلام من بعدهم من أهلِ المعرفة والعدالة، وذلك شيءٌ أوسع، أذكر منه على قدر معرفتي.
فمن ذلك أن عُمَرَ بن عبد العزيز كان يُثني عليه، ويأمرُ بأخذ العلم عنه،
= فقيدهما به، ثم جاء بعضهم، فاقتصر على أحد المحرمين، وهو تحريم الحمر، وقيده بالظرف، فمن ها هنا نشأ الوهم، وقصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديات، ولا استأذنوا في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نقله أحد قط في هذه الغزوة، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة، لا فعلاً ولا تحريماً بخلاف غزاة الفتح، فإنَّ قصة المتعة كانت فيها فعلاً وتحريماً مشهورة.