للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر كان يُسَمَّى مؤمناً في ذلك الزمان، وإن كان باغياً عاصياً إلا من عُرِفَ عنادُه أو نفاقُه كما تقدم، وكما يأتي، إن شاء الله تعالى، والمؤمن مقبول.

بيان المقدمةِ الأولى من وجهين:

أحَدهُما: أنَّه قد ثبت في الإشكال المقدم آنفاً أنَّه كان يُسَمَّى مسلماً، والمسلم مؤمن بإقرار الخصم.

وثانيهما: قولُه تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩]، وقولُه عليه السلام في حديث جبريل وقد سأله ما الإيمانُ؟ قال: " أن تُؤمِنَ باللهِ وملائكتِهِ وكُتُبِهِ وَرُسُلِه، وتؤمِن بالقدر خيرِه وشرِّه " رواه مسلم (١).

قال النواوي: القَدَرُ مِن اللهِ، ليس بإجبار خلقه على أفعالهم، ذكره في " شرح مسلم " (٢).

وكذا قال الخطابي في " معالم السنن " (٣)، وأبو السعادات ابن الأثير في " جامع الأصول " (٤)، وأجمعَ أهلُ السنة على ذلك كما سيأتي.

ومن ذلك حديثُ الأمَةِ السوداء التي سألها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأشارت أن الله ربُّها، وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " هِيَ مؤمنة "،


(١) تقدم تخريجه ص ١٧٠.
(٢) ١/ ١٥٤.
(٣) ٤/ ٣٢٢.
(٤) ١٠/ ١٠٣ الطبعة الشامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>