للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوى الثالثة: أنَّ الضعيفَ مقبولٌ عنْدَ عَدَمِ المعارِض، وهذا مُجرَّدُ دَعوى مِنْ غيرِ دليل، وهو مكثرٍ مِنْ أمثال هذا، حتى كِدتُ لا أستنكرُهُ منه.

قال: لأنَّها روايةٌ عَمَّنْ لا تُعْلَمُ عدالَتُه ولا نزاهَتُه عَنْ فِسْقِ التَّأويلِ.

أقول: هذه دعوى على الأمَّةِ بالجهلِ بذلكَ، وهي غيرُ مقبولَةٍ، فإن ادَّعى أنَّهُ جاهِلٌ بذلِكَ، ولم يَدَّعِ ذلكَ على غيرِه، فهذا مُسَلمٌ ولا يَضُرُّ تسليمُه، وقد تقدَّم منه مثلُ هذا في المسأَلَه الأولى، وتقدَّم الجوابُ عليه، فخذهُ مِن هناك.

قال: هذا إذا كان النَّاظِرُ في الحديث مجتهداً، أمَّا إذا كان غير بالِغٍ رُتْبَةَ الاجتهاد، فليس له أن يُرَجِّح بهذا الحديثِ قولاً، ويجعَلَهُ مختارَهُ، وإنْ كان الخبرُ نَصَّاً في ظاهِرِ الحال، لأنَّ التَّرجيحَ بالخبر إنَّما يكونُ بعد معْرِفَةِ كَوْنهِ صحيحاًًعنِ الرَّسُولِ، ولا يكونُ صحيحاً حتى يكونَ رَاوِيهِ عَدْلاً، والعدالَةُ غيرُ حاصلَةٍ كما سنذكره.

أقول: هذا الكلام كلُه (١) قِشْرٌ ليس فيه لُبابٌ، ومجرَّدُ دعوى لا تفْتَقِرُ إلى جوابٍ، لأنَّه بناه على دعْوى عدَمِ العدالةِ وجعل الاستدلالَ عليها حَوَالَة، فالواجبُ (٢) تأخيرُ الجوَابِ حتَّى يأتيَ ما وعد به منَ الدّلالَةِ.

قال: ولأنه لا يُرجّحُ بالخَبرِ حتَّى يعلمَ أنَّه غيرُ (٣) منسوخ، ولا مُخَصص، ولا مُعارَضٍ بمَا هُوَ أقوى مِنْ إجماعٍ أو غَيْرِهِ.

أقول: هذا الذي ذكره لا يجبُ على المجتهدِ عنْدَ أحدٍ مِن أهلِ


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): فالجواب.
(٣) ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>