للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمْيَرَةَ مخلوقين أو غيْر مخلوقين، كما مر تقريرُ ذلك في المسألة الأولى.

الوجه السابع: أنَّ الخبَرَ إذا وَرَدَ في شَيْءٍ، ظهر في الأصل ظُهوراً عامَّاً، وقضتِ العادَةُ في ذلك الأمْرِ أنْ يُنْقَل نقلاً عامَّاً، ثُمَّ ورَدَ ذلك الخَبَر وُرُودَاً خاصَّاً، فإنه لا يُقْبَلُ، وقد ذكر هذا عدَد كثير من علماءِ الأصول وأهلِ علم النظرِ، منهم المنصورُ بالله عليه السلامُ، فإنه قال في كتاب " الصَّفْوَة " ما لفظه: قال شيخُنا رحمه الله: فأمَّا إذا ورد الخَبَرُ بشيْءٍ ظهر في الأصل ظهوراً عاماً، والعادةُ جارية فيما ظهر ذلك الظُّهور (١) أن يُنقل نقلاً عاماً، ثم ورد ذلك خاصَّاً، فإنه لا يُقْبَل. قال عليه السلامُ: وهو الذي نختارُه، وقد خالف ذلك أبو علي (٢)، وقال: إنَّه يُقْبَلُ.

قال عليه السلامُ: ومثَال المَسْأَلَةِ: الجَهْرُ بـ (بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم).

قال عليه السَّلامُ: والدَّليلُ على ما ذهبنا إليه، أن كُلَّ أَمْرَيْنِ استويا في الظُّهور، وكان الدَّاعي إلى نقل أَحَدِهِما كالداعي إلى نقل الآخر، فإنهُ يجبُ أن يستويَ نقلهما، لأنَّ ما دعا إلى نقل أَحَدهِمَا هو بِعَيْنِهِ يدعو إلى نقلِ الآخر، لولا ذلك، لجوَّزْنَا أن يكون امرؤ القيس قد عُورِضَ بقصائدَ تَبْرزُ على شعره في الفصاحَةِ والجَزَالَةِ (٣)، ولم يُنْقَلْ إلينا، ولجَوََّزْنَا أن تكون قد عُورِضتَ مُعْجزاتُه - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - بما هو أَبْهَرُ مِنْها، وإنَّما لم يُنْقَل إلينا، وكذلك القرآن الكريم، كُنا نُجَوِّز معارضتَه على هذا القول على ما هو مُساوٍ لَهُ في النظْمِ والفصاحة، أو مُبَرِّزُ عليه، وإن لم يُنْقل على


(١) في (ب): لظهور.
(٢) هو الجبائي محمد بن عبد الوهاب البصري شيخ المعتزلة، تقدم التعريف به في ٢/ ٣١٨.
(٣) تحرفت في (ش) إلى: " الحوالة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>