للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِّ نقله، وكلُّ ذلِك لا يجوز؛ لأن كل ما دعا إلى نقل أَحَدِهِمَا بعينه يدعو إلى نقلِ الآخرِ، ولا وَجْهَ يُوجِبُ نقلَ أحدهما دون الآخر مع الاستواء، فوجب أن يُقتضى بفساده -إلى قوله عليه السلام-: فإذا لم يُنْقَلْ إلينا أَحَدٌ الأمرين مع استوائِهمَا في باب الدَواعي إلى نقلهما، علِمْنَا بذلك أنهُما لم يَسْتَوِيَا في الظهور في الأصل. انتهى كلامُه عليه السلام.

ولما عَرَفَ المنصور بالله (١) أنَّهُ يلزَمُ مِنْ هذا القطْع بأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمْ يَكُنْ يجهر بالتَسْمِيَة (٢) مثلَ جَهْرِه بالفاتحة، إذن لاستوى نقلُهما، فلمَّا نُقِل الجَهْرُ بالفاتِحَة تواتُراً و (٣) إجماعاًً، والجهْر بالبسملة ظنَّاً وآحاداً، علمنا بذلك عدم استوائهِما في زمانه عليه السلامُ، فيجبُ رد حديثِ مَنْ نَقَل ما يقتضي (٤) استمرارُه عليه السلامُ على حالَة واحِدَة، فَحينَ رأى المنصور (٥) عليه السلامُ هذا السؤال وارداً -ولم يكنِ القَوْلُ بإخفاء البَسْمَلةِ مذهبَهُ- أشار إلى الجواب، فقال عليه السلام: فأما الجهر بالتَسمية والفاتِحَةِ، فقد عللَ شيخُنا رحمه الله تعذُّر استوائِهِمَا في ظهورِ النقل بِعلةٍ ظاهِرَة، وهي أنهما لم يستويا في الأصل، لأن النبِي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بالتَّسمية حالَ اشتغال المسلمين بالتكبيرة، فبعضُهم يسْمَعُه يجهر، وبعضُهم لا يسمعُه مِنْ رَهَجِ (٦) التكْبيرِ، وليس كذلك الفاتِحَةُ. انتهى


(١) جملة " ولما عرف المنصور بالله " ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): بالبسملة.
(٣) الواو ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): يقضي.
(٥) في (ش): المنصور بالله.
(٦) أي: انتشار أصواتهم بالتكبير، وارتفاعها، وأصل الرهج: الغبار، وأرهج الغبار: أثاره، ومن المجاز: ولَه بالشر لهج، وله فيه رهج، وأرهجوا في الكلام والصخب. وفي (ج) و (ش): وهج.

<<  <  ج: ص:  >  >>