الأول: معَارضَة، وهي (١) أن نقول: وكذلك العِلَّةُ في اتِّباع سبيل المؤمنين كونُهُم مؤمنين، والإيمانُ حاصل في الواحد، فكان يلزمُ وجوبُ اتباعه.
الثاني: تحقيق، وهو أن نقول: سبيل الواحد من المؤمنين لما كانت تختلِفُ، فقد تكون صالحةً، وقد تكون غيرَ صالحة، لم نُؤْمَرْ باتباعها، وأما سبيلهم معاً، فلما علم الله أنهم لا يجتمِعُونَ كُلُّهُمْ إلاَّ على صلاح، أمر باتباعِ سبيلِهم، وكذلك في هذا يمكن مثل ذلك، وهو أن الله لما علم أن فعلَ الواحد منهم قد يكونُ مفسدة، وقد لا يكون كذلك لم ينهنا عن اتباع سبيله، بل يَقِفُ ذلك على الدليل، فإن كان مباحاً، أو واجباً لم يَحْرُمْ، وإن كان حراماً حَرُمَ، وأما جماعة المفسدين، فإنَّهم إذا اعتمدوا طريقة، واختصّوا بسنة لم يُوافقهم أهلُ الإيمان عليها، فإنها لا تكونُ إلا مفسدة، وما هذه صورته فهي التي تَصِحُّ في المجاز أن يُسمى سبيلاً لهم، وأما فعلُ الواحد منهم أو قولُه، فليس يَصِحُّ أن يُسمَّى سبيلاً للمفسدين.
الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق راجح، وكان علينا مَضَرَّةٌ في مجانبته مظنونةٌ، وَعَمِلْنَا بما ظننا دفعاً للمضرة عن أنفسنا، لم نُسَم متبعين لسبيل مَنْ أخبرنا به في حقيقة اللغة ولا مجازها، أما الحقيقة، فظاهر، وأما المجاز، فلأن الأصل عدمُ إطلاق هذه العبارة على فاعل هذه الصورة، وإنما نسمَّى عاملين بالظنِّ الراجحِ، وبما فُطِرَتْ عليه العقولُ