الثاني: أنَّ اتِّصال الرواية بهم متعذِّرٌ. هكذا على القطع مِن غير شك.
فأقولُ: قد تقدَّم الجوابُ على هذا حيث بيَّنا فيما سلَفَ إمكانُ رواية الأخبار، وبيان طرقها ونزيد هُنا أشياء:
أحدها: ما السببُ في قطع السَّيِّد بتعذُّرِ الطريق إلى الرواية ها هنا وكان متردداً فيما تقدَّم، وما أظنُّ السببَ في ذلك إلا توفُّرُ داعيةِ التنفير عن طلب العلم، فإن الغالب على الشارع في التنفير عن الشيءِ لا يزال يزدادُ ولو عابه حتى يتجاوز الحدّ.
وثانيها: أنَّه -أيَّده اللهُ- قد شحن تفسيرَه للقرآن الكريم بذلك، فكيف يقطعُ هنا بأنه متعذِّر، وهذا توهم عليه أنَّه واهِمٌ لا محالة في أحد الموضعين -والله أعلم-.
وثالثها: أنَّ الأمة أجمعت على أنَّه لا يجب الإسناد في علم اللغة، فإنهم ما زالو ينقلُون اللغة عن أئمتها مِن غير مطالبة لأئمتها بالإسناد إلى العرب، فإذا جاز قبول المرسَلِ من أئمة العربية في ذلك الزمان، جاز قبولُه عنهم في هذا الزَّمان، لأنَّ الأزمان لا تأثيرَ لها في وجوب الواجبات، وقبحِ المقبحات. وقد أجاز المحقِّقونَ من الأئمة -عليهم السلام- قبولَ المرسل في الأحاديث النبوية، فأولى وأحرى في اللغة العربية. وقد قدَّمنا كلام الأئمة في الوِجادة وما يجوزُ منها، وهو عام في جميعِ العلوم النقلية، فيدخل فيها علمُ العربية.
الثالث: قال: ولأن في ذلك تقليدَهم.
أقول: تقدم أنَّه لا سبيلَ إلى معرفة اللغة والأخبار وسائرِ ما لا يُدْرَكُ