للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخْبِرُونَنَا (١) فلا نَدْرِي، فما بالُ هؤلاء الذين يَبْقرونَ (٢) بُيُوتَنَا، ويسرِقُون أعْلاقَنَا (٣) قال: أولئِك الفساق (٤) -أجَلْ- لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلا أربعةٌ أحدهم شيخ كبير لو شَرِبَ المَاءَ البَارِدَ لما وَجَدَ بَرْدَهُ (٥). رواه البخاري (٦) من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن وهب، عن حُذيفة في تفسير قولِه تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: ١٢].

فدلَّ ذلك على أن الفسقَ في اللغة، هو التمردُ والتكبر، والأنَفَة من قبول الحق، والتعمد للباطل، وذلك لا يتناولُ المتأوِّلَ المتديِّنَ المتواضِعَ المتخَشِّعَ الذي يَغْلِبُ على الظن صدقه، أقصى ما في الباب أن هذا السؤال غيرُ راجح ولا ظاهر، لكنه محتمل، إما مساوٍ، وإما مرجوح، وعليك إبطالُ ذلك، ورفعُ الاحتمال بدليلٍ قاطع، لأنَّك ادَّعَيْتَ أن المسألة قطعية، ومنعت المنازعةَ فيها.

الإِشكال الثالث: أنَّ المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان، وما كان غيرَ موجودٍ لم يسبق الفهمُ إلى إرادته، وما لم يسبق الفهمُ إلى إرادته لندوره، وقلةِ حضوره في الذهن، فقد اختلف العلماءُ هل يتناولُه العمومُ مع وجوده، ومع صريحِ العموم؟ كيف، وهو في مسألتنا غيرُ


(١) زاد الإسماعيلي في روايته: " عن أشياء ".
(٢) بالباء الموحدة والقاف من " البقر " وهو الشق، قال الخطابي: أي ينقبون، قال: والبقر أكثر ما يكون في الشجر والخشب، وقال ابن الجوزي: معناه: يفتحون، يقال: بقرت الشيء: إذا فتحته، ويقال: ينقرون بالنون بدل الباء.
(٣) جمع علق: وهو الشيء النفيس، سمي بذلك لتعلق القلب به، والمعنى يسرقون نفائس أموالنا.
(٤) أي: الذين يبقرون ويسرقون: لا الكفار والمنافقون.
(٥) أي: لذهاب شهوته، وفساد معدته، فلا يفرق بين الألوان والطعوم.
(٦) برقم (٤٦٥٨) في التفسير، وأخرجه النسائي في التفسير من الكبرى كما في " تحفة الأشراف " ٣/ ٣٣، ونسبة الحافظ في " الفتح " ٨/ ٣٢٣ لابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>