للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني (١): إنَّ أصولكم تقتضي عدم الخوف من ذلك، إذ كان عندكم أن النظر واجبٌ على العبد، والبيان واللطف واجبان على الله تعالى.

فنقول: لا حاجة على هذا إلى تعلم الكلام، بل يترك الخوضُ فيه حتى ترد الشبهة القادحة، ثم نفعل ما يجب علينا، وهو النظر، والله سبحانه يفعل ما يجب عليه عندكم، وهو البيان لنا، واللطف بنا، ومع ذلك تجلى المشكلات، ونَسْلَمُ من مداحض الشبهات.

فإن قيل: فهل تقولون بقُبح النظر فقد أبطلتم كل النظر ببعضِ النظر، لأن أدلتكم هذه نظرية، وهذا متناقض.

فالجواب: أنه لا سبيل إلى إنكار النظر جميعه، ومعرفة وجوبه عند رجحان الخوف مطلقاً عقليةٌ جلية، وفي (٢) الإسلام، وصدق الأنبياء عليهم السلام خصوصاً سمعيةٌ ضروريةٌ.

وقول الرازي في " المحصول ": " إن وجوب النظر مبنيٌّ على أنه يفيد العلم في الإلهيات " -وذلك في غاية الدقة- مردودٌ عليه بأن النظر يجب، وإن لم يحصل منه سوى الظن، بل العاقل ينظر مع تجويز أن لا (٣) يحصل له ظن ولا علم، ولكن ليبلغ طاقته في دفع الضرر عن نفسه، وأهل السنة لا ينكرون النظر، بل أهل المعارف الضرورية، وإنما يختلف الناس في النظر النافع دون الضار، فعند أهل السنة أن النظر النافع: هو


(١) في (أ): " الوجه الثالث "، وهو خطأ.
(٢) "الواو" لم ترد في (ش).
(٣) في (أ): " مع تجويز وإن لم "، وفي (ش): " مع التجويز وإن لا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>