للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضيَ الله عنه وأُمَّه، وفي القصة أنَّها مكثت ثلاثاً لا تَطْعَمُ ولا تَشْرَب حتى شجروا فَاهَا بعود، ورُوِيَ أنَّه قال: لو كان لها سبعون نفساً ما ارتددتُ إلى الكفر.

فإذا ثبت هذا، فقد عرفت الخلاف في ما نزل على سبب، وما في هذا من الإِشكال وقد مرَّ تقريرُه.

الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة أحدِ قسمي المفهوم، وفي الاحتجاج بها خلافٌ كثيرٌ، ممن أنكرها الإِمامُ أبو حنيفةَ (١) رضي الله عنه على جلالته، فيلزمُ السيدَ إثباتُ دليلٍ قاطعٍ (٢) على أنَّ مفهومَ المخالفة حُجَّةٌ حيث ورد لا يكونُ له صورةٌ ظنية، ولا يكفيه أن يكونَ حُجَّةً قطعية في بعضِ المواضع.

الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى مِن سَعْدٍ رضي الله عنه وأُمِّه، وقد ذكر أهلُ الأصول أن مفهومَ المخالفة إذا وَرَدَ لأجل حادثةٍ لم يكن حجةً، فإِن كان السيد يقول بهذا، لزمه الإِشكالُ،


= الله عهداً أن لا يظلها ظل، ولا تأكل طعاماً، ولا تشرب شراباً حتى يدع الصباوة، فأقبل سعد حتى تخلص إليها، فقال: علي يا أُمَّه فاحلفي، قالت: لِم؟ قال: لئلا تستظلي في ظل، ولا تأكلي طعاماً، ولا تشربي شراباً حتى تري مقعدك من الناس، فقالت: إنما أحلف على ابني البر، فأنزل الله تعالى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.
(١) وهو اختيار أبي العباس أحمد بن سريج، والقاضي أبي بكر الباقلاني، وإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني، وأبي حامد الغزالي، والرازي، والأمدي، وغير واحد من أئمة المعتزلة. انظر " المحصول " ١/ ٢/٢٢٨ - ٢٥٠، و" المستصفي " ٢/ ٢٠٤ - ٢١٢، و" التبصرة " ٢١٨ - ٢٢٥، و" المعتمد " ١/ ١٤٩ - ١٦٠، و" الإحكام " ٣/ ٩٣ - ١٤٦، و" التقرير والتحبير " ١/ ١١٥ - ١٤١، و" تيسير التحرير " ١/ ٩٨ - ١٣٢ و" شرح مختصر المنتهى" ٢/ ١٧١ - ١٨٥، و" نهاية السول " ٢/ ١٩٧ - ٢٢٦، و" العدة " ٢/ ٤٨٠ - ٤٨٢.
(٢) في (ب): الدليل القاطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>