في أحوال المعدِّلين لِحملة العلم النبويِّ -على صاحبه أفضلُ الصلاة والسلام- فلا يخلو إما أن يُريدَ أن جميعُ المتكلمين في الجرح والتعديل من أئمة العلم وأعلام الهدى مشكوك في إسلامهم، أو يريد أن الأئمة الذين أسلف ذكرهم كذلك دونَ من عداهم من أئمة هذا الشأن، ثم أيضاً إما أن يُريد أن حالهم في ذلك مجهولة له (١) -أيَّده الله- فقط، أو مجهولةٌ لجميع أهلِ العلم، فهذه أربعُ مسائل:
المسألة الأولى: أن يكونَ حالُ أولئك الذين ذكرهم مجهولةً فقط دون سائرِ أهلِ العلم، ودونَ سائر أئمة هذا الشَّأْنِ.
الثانية: أن يكون حالُهُم مجهولةً له، ولجميع أهلِ العلم.
الثالثة: أن يكونَ جميعُ أئمة علم الرجال مجهولين له دونَ سائرِ أهلِ العلم.
الرابعة: أن يكونوا مجهولين له، ولأهل العلم.
فأما المسألتان الثالثة والرابعة، فلم يتعرض لذكرهما حتى يلزمَ الجوابُ عليه، وإنما نذكر ما تعرَّض له فقط خوفاً للتطويل، ولئلا نلزمه أمرأ قبيحاً مِن غير موجبٍ لذلك من قوله.
فلنتكلَّم على المسألتين الأولَيَيْنِ، فنقول: إما إن يدَّعيَ " السَّيِّد " الجهلَ بأحوال أولئك على جميع أهل العلم أو لا؛ إن ادَّعى ذلك، فهي دعوى باطلة، لأنَّه لا طريق إليها إلا أحد وجهين وكل واحدٍ من الوجهين باطل، وما لا طريقَ إليه إلا الباطل، فهو باطل، وكل هذه المقدِّمات