للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقع الوَهْمُ في دعوى نسخه، وانحصرَ ذلك في شيءٍ يسيرٍ، لا سيما ما يتعلَّق بالأحكام، ولعلَّ الجميعَ من المنسوخ في ذلك لا يأتي في أربع ورقاتٍ مجرداً عن الاستدلال على صحة النسخ وعدمه. فما هذا التهويلُ العظيمُ، والتعسيرُ الشديد؟!! وقد ذكر أهل العلم أنَّ النسخ في الشريعة قليلٌ جداً. وجُلُّ ما صح نسخه بالإجماع نَيِّف وعشرون حُكماً، وادُّعِي النسخ في أكثر من ذلك.

وهذا جملة ما صحَّ وما ادُّعي فيه النسخ:

أجمعوا على نسخ استقبالِ بيت المقدس، والكلام في الصلاة (١)، وحكم المسبوق (٢)، وتركِ الصلاة في الخوف، والجمعة قبل الخطبة (٣)، والصلاة على المنافقين، وتحريمِ زيارة القبور، وجواز الاستغفار للكفار بعد موتهم، ووجوب عاشوراء، وقيام الليل على الأمة، (٤) والسحور بعدَ


(١) أخرج البخاري (١٢٠٠) و (٤٥٣٤) ومسلم (٥٣٩) والترمذي (٤٠٥) من حديث زيد بن أرقم، قال: كنا نتكلم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، يكلِّمُ الرجل منا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت {وقوموا لله قانتين} [البقرة: ٢٣٨] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. وانظر " شرح السنة " للبغوي ٣/ ٢٣٣ - ٢٤٢.
(٢) كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سبق أحدهم بشيء من الصلاة سأل المصلين، فأشاروا إليه بالذي سبق به، فيصلي ما سبق به، ثم يدخل معهم في صلاتهم، فنسخ ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا جاء أحدكم وقد سبق بشيء من الصلاة، فليصل مع الإمام بصلاته، فإذا فرغ الإمام، فليقض ما سبقه به " انظر " الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار " ص ١٠٤ - ١٠٦ للحازمي.
(٣) انظر " الاعتبار " ص ١١٨ - ١١٩ للحازمي.
(٤) وذلك في قوله تعالى في سورة المزمل: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>