للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم بها ضرورة مثل ما يعلم خجلُ الخجلِ، وألمُ الأليم في بعض الأحوال بالقرائن المشاهدة، لكنا قد بينا أن هذه المسألة ليست من الضرورياتَ، وبطل أيضاًً أن تكون استدلالية، فبطل القطعُ برُجحان رَدِّ المتأولين.

الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة أنه قد حصل العلمُ للخصم، وأنه جحده عِناداً وعمداً (١)، وإنما نقول بذلك في مَنْ جَحَدَ العلومَ الضروريةَ، فكيف يَصِحُّ منك أن تقول في الظن -ومرتبتُهُ دون مرتبة العلم في الظهور والجلاءِ-: إنَّه قد حَصَلَ لكل أحد، وإنا نعلم حصولَه لكُلِّ أحد، ونعلم أنَّه خَالَفَ (٢) مع العلمِ بالرُّجحان مع أن العلم الذي دَلَّ عليه أدلةٌ قاطعةٌ مولدة له على جهة الإيجاب ما ارتقى إلى هذه المرتبة.

الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية، واحتجُّوا على ذلك بما هو صحيح في المعقول (٣) وذلك لأنَّه لو كان بينه وبينَها رابطةٌ عقلية، لاستحالَ تخَلُّفُهُ عنها لأنه لا يَصِحُّ وجودُ اللازِمِ مع تخلُّف الملزوم، إذ لو صَحَّ ذلك، لما كان لازماً، والفرضُ أنَّه لازم، هذا خُلف.

وكذلك الرابطةُ العقلية بين الأمارة والمظنون لو كانث ثابتةً، لم يتخلَّفِ المظنونُ عنها، وقد تخلَّف قطعاً ضرورة ووفاقاً بينَ العقلاء، فقول السيد: إن الحقَّ في ردهم قطعاً يستلزِمُ أن الحقية متعينة في رَدِّهم


(١) في (ب): عمداً وعناداً.
(٢) في (ب): قد خالف.
(٣) في (ب): بالمعقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>