للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرٌ لا يخفى، وَيرِدُ عليه في ذلك إشكالات:

الإِشكال الأول: أن ظاهر هذه الآيةِ الكريمة يقتضي الأمرَ (١) باتِّباعِ كُلِّ مَنْ أنابَ إلى الله تعالى، لأن لفظهما مِن أحد الفاظ العموم، فصارت كقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} فإنَّ العلماء أجمعوا على أنها لا تُوجب اتباعَ سبيل المؤمن الواحد، وإنما اختلفوا هل توجِبُ اتباعَ المؤمنين إذا اجتمعوا على أمرٍ، فكذلك هذه الآية لا تُوجِبُ اتباعَ سبيلِ المؤمنِ الواحد.

الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب فيما رواه الزمخشري في " الكشاف " واعترف بذلك السَّيِّد في تجريده للكشاف (٢).

قال الزمخشري (٣)، وَرُوِيَ أنها نزلت في سعدِ بنِ أبي وقاص


(١) لفط الأمر ساقط من (ب).
(٢) في (ب): تجريد الكشاف.
(٣) " الكشاف " ٣/ ٢٣٢ وروى الطبراني في كتاب " العشرة " فيما ذكره ابن كثير ٦/ ٣٣٨ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن أيوب بن راشد، حدثنا مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي أن سعد بن مالك، قال: أنزلت في هذه الآية {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} ... الآية، وقال كنت رجلاً براً بأمي، فلما أسلمتُ، قالت: يا سعد ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فَتُعَيَّرَ بي، فيقال: يا قاتل أمه، فقلت: لا تفعلي يا أمه، فاني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوماً وليلة لم تأكل فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوماً وليلة أخرى لا تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مئة نقس، فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت كلي وإن شئت لا تأكلي، فأكلت. وهذا سند قابل للتحسين.
وروى ابن سعد في " الطبقات " ٤/ ١٢٣ - ١٢٤ من طريق الواقدي -وهو ضعيف- حدثني عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: جئت من الرمي، فإذا الناس مجتمعون على أمي حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس وعلى أخي عامر حين أسلم، فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: هذه أمُّك قد أخذت أخاك عامراً تعطي =

<<  <  ج: ص:  >  >>