للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبة الخامسة: الكلامُ في أفعال العباد.

وإنما قدمت (١) الكلام في المراتب الأربع، لأنها أساس الكلام فيها (٢)، وهي من فضلات المسائل وفروعها، والأصل المُعتَمَد في الباب مسألة الإرادة، ولذلك أهمل الغزالي مسألة الأفعال والخوض فيها في كتابه " الاقتصاد " فأصاب.

ومن اعتقد نفوذ مشيئة الله تعالى، وأن العبد فختار، وأنه غير مُستَقِلٍّ بنفسه، فقد استغنى عن الخوض فيه، عدا ذلك.

وإنما تكلمتُ على مسألة الأفعال لِغَلَطِ المعتزلة على أهل السنة فيها، وجهل كثيرٍ من أهل السنة بمذهب (٣) أئمتهم فيها، فيجب الإمساك عن الخوض فيها، والتحقيق (٤) في البحث عنها، وأكثر الناس لا يصبر عن الخوض فيما لا يعنيه، ولا يتكلم بتحقيق ما يخوض فيه، وهذا هو الذي أفسد الدِّين والدنيا، فرحم الله من تكلَّم بعلم، أو سكت بحِلْمٍ.

واعلم أنه لا خلاف بين المسلمين أن للعباد أفعالاً مضافةً إليهم يسمون بها مطيعين وعصاة، ويثابون على حَسَنِها، ويستحقون العقاب على قبيحها (٥)، وأن الله تعالى قد أقام الحجة عليهم، وله الحجة البالغة لا عليه، وأن عقابه لمن


(١) في (ش): قدمنا.
(٢) في (ش): فيهما، وهو خطأ.
(٣) في (أ): لمذاهب، والمثبت من (ش).
(٤) في (أ): أو التحقيق، والمثبت من (ش).
(٥) في (ش): قبحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>