للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجب أن السَّيِّدَ -أيَّدَه الله- مستمرٌّ على رواية الخلاف عن الحسن، وأبي حنيفة، فإن كان لا يعتقِدُ اجتهادَهما، فذلك لا يَحِلُّ مِن غير بيان، وإن كان يعتقدُ اجتهادهما، وإنما إراد أن يُوَعِّرَ مسالِك العِلْمِ، ويُشكِّكَ فيه على مَنْ أراد الاجتهاد، فهذا لا يليق بأهلِ الورع والدِّيانة، ولا يَصْلُحُ من أرباب التقوى والأمانة.

قال: وقال الرَازي: إن لم نَقُلْ بجوازِ تقليدِ الميت، أشكل الأمر، لأنه ليس في زمانِنَا مجتهد، فأخرج نفسه عن رتبة الاجتهاد، وذكروا أن الغزَّاليَّ لم يبلغ مرتبةَ الاجتهاد، وممن ذكر ذلك ابنُ خَلِّكَانَ في " تاريخه " وغيرُه.

أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.

والجوابُ عليه من وجوه:

الألول: إلزامُ السَّيِّدِ ما يقتضيه كلامُه، وذلك إنهما عنده لم يبلغا مرتبة الإسلام فضلاً عن مرتبة الاجتهاد، فإن كان يُريد أن يُجَهِّل سائرَ علماء المسلمين قياساً على تجهيلهما، لزمه أيضاًً أن يُكفِّرَ سائِرَ علماءِ المسلمين قياساً على تكفيرهما، وإن كان يقولُ: إنَّه لا يلزم مِن كفرهما أن يكون غيرهُما كافراً، قلنا: وكذلك لا يلزمُ مِن جهلهما أن يكونَ غيرهُما جاهلاً.

الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد، لأنَّه لا مانع (١) أن يدَّعِيَا جهلَ أدِلَّةِ الأحكام الشرعيةِ مع


(١) في (أ) و (ج) و (ش) يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>