للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي " الصحيحين ": " سبابُ المؤمن فسوقٌ، وقتاله كفرٌ " (١)، وهو كفرٌ دون كفرٍ بالإجماع، لوجوب القصاص في أغلظه، وهو العمد العدوان.

فهذه الأحاديث الصحيحة المتظاهرة مبيِّنةٌ لما اجتمعت عليه في معناها من الفرق بين الإسلام والإيمان، كما في كتاب الله تعالى، كقوله تعالى: {إنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} ... الآية [الأحزاب: ٣٥]، وقوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ} الآية [التحريم: ٥]، وقوله: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤].

وروى النسائي حديث سعدٍ في تفسيرها على تشيعه (٢).

وجاءت هذه الفرقة المتأخرة من وعيدية المعتزلة، فأنكرت الفرق بينهما، استدلالاً بأنهما أسماءُ مدحٍ، فلا يطلقان، ولا أحدهما، إلاَّ على العدل المرضيِّ، وهذه حجةٌ داحِضَةٌ، لأن الموحِّد اسمُ مدحٍ، وكذلك المُصلِّي والصائم والمجاهد وغيرُ (٣) ذلك.

ومن المعلوم من إجماع المسلمين، بل العقلاء أجمعين أنه يشتَقُّ لكل فاعلٍ اسم من فعله وإن كان ذلك اسم مدحٍ خصوصاً، وقد تواترت به نصوص الكتاب والسنة.

وقد دَلَّتِ النصوص على أن الإسلام: عمل الجوارح التي تحقِنُ الدَّمَ، وقد يصدُرُ هذا عن المنافق والإيمان: التصديق بالقلب لِمَا ظهر باللِّسان، والإحسان: اليقين المستلزم إخلاص الجميع لله عز وجل، وعدم النفاق في ذلك (٤) كما فسَّر الإحسان بذلك الخطابي رحمه الله تعالى.


(١) تقدم تخريجه ٨/ ٢٤.
(٢) هو الحديث المتقدم في الصفحة السابقة.
(٣) في (ف): "ونحو".
(٤) في (ف): " وذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>