للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النواوي في " شرح مسلم " (١): إنه قول جماعةٍ من المحقِّقين، وإنه صحيحٌ. ذكره في باب " هل يؤاخذ بأفعال الجاهلية، في أواخر كتاب الإيمان، والحمد لله رب العالمين.

ويزيده بياناً في الإحسان أحاديث، منها حديثان صحيحان متفقٌ عليهما.

أحدهما: حديث عبد الله بن مسعودٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من أحسن في الإسلام لم، يؤاخِذْه بما عَمِلَ في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام، أُخِذَ بالأول والآخر " رواه البخاري ومسلم، كلاهما من طرق عن منصور، عن أبي وائل، عن ابن مسعود (٢).

فقوله: " ومن أساء أُخِذَ بالأول والآخر " يدلُّ على النفاق، فإن المسلم صاحب الكبيرة لا يُؤاخذُ بما تَقَدَّمَ قبل إسلامه بالإجماع والنُّصُوص المعلومة، لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، فدل على أن الإحسان المقابل للنفاق هو الإخلاص.

الحديث الثاني: حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: " إذا أحسن (٣) أحدُكم إسلامه، فكلُّ حسنةٍ بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعفٍ، وكل سيئةٍ يعملها تكتب بمثلها حتَّى يلقى الله عزَّ وجلَّ ". رواه البخاري ومسلم، كلاهما من طرُقٍ عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة (٤). والحجة فيه واضحةٌ، فإنه جعل المسلم المُحسِنَ صاحب حسناتٍ وسيئاتٍ، وسماه مُحسناً في حاليه كليهما، حال حسناته وحال سيئاته.


(١) ٢/ ١٣٦.
(٢) أخرجه البخاري (٦٩٢١)، ومسلم (١٢٠)، وأحمد ١/ ٤٠٩ و٤٢٩ و٤٣٩ و٤٦٢، وابن حبان (٣٩٦).
(٣) في (ش): " حسن ".
(٤) أخرجه البخاري (٤٢)، ومسلم (١٢٩)، وأحمد ٢/ ٣١٧، وابن حبان (٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>