للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في علم الحديث المأخوذِ عنهم الإجازاتِ على صفة المفتين للعامة وفي الديانة وفي معرفة ما يدرسون فيه.

النظر الرابع: أن طلبة العلم ما زالوا يدخلونَ أمصارَ الإسلام للقراءة، وطلب العلم، فإذا دخلُوا سألُوا عن العالم في الفن، فإذا أُخْبِرُوا بالعالم قرؤوا عليه، وأخذوا عنه العلمَ مِن غير سابقِ خِبرةٍ ولا طُولِ صُحبة متقدمة إلا لِظنِّ علمه وديانته وتحريه للصدق بغيرِ سببٍ لذلك الظنِّ أكثر مِن كونه من أهل العِلم والانتصاب للتدريس.

وهذا إجماعُ من المسلمين، لأن منهم من يفعلُهُ كالطالب للعلم، ومنهم من يسكت عنه كالعالم المفيد للطَّالب، وسائر من يعلم ذلك من العلماء، وهذا غيرُ خافٍ على العلماء ولا يخافون مِن طلبة العلم بمضرةٍ تلحقُهُم إن نصَحُوهم في ذلك، كما رُبَّما خافوا مِن جبابرة الملوك، وأهلِ التَّكَبُّرِ في الأرض إذا نصحوهم. فثبت بهذا أنَّ ظَاهِرَ العلماء العدالةُ والدِّيانةُ ما لم يظهر ما يجْرَحُهُمْ، وَيمْنَعُ العَمَلَ بالظاهر.

فإذا ثبت هذا، ثبتَ أنه لا قَدْحَ في كُتُبِ الحديثِ المسموعة، فإنَّ الظاهِرَ أنَّ منْ بيننا وبَيْنَ مصنفيها كُلُّهم مِن أهل العلم، ويغلِب على ظنِّ كُلِّ منصفٍ أنَّه ليس فيهم أحدٌ مِن أهل الفسق والفواحش والتظاهر بارتكاب الكبائر، وما فيهم منْ يَتعَمَّدُ الكذبَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما فيهم بحمدِ اللهِ إلا من يُظَنُّ صِدْقُه وأمانتُهُ، ومنْ لم يحْصُلْ له هذا الظنُّ، حَرُمَتْ عليه الروايةُ، وحَرُمَ عليه النَّكيرُ، وكلُّ متعبِّد بِظنِّه.

النظر الخامس: أجمعت الأمةُ على قبولِ علومِ الأدب مِن اللغة والمعاني والعربية بنقل علماء الأدب من غير تعرُّضٍ إلى جرح وتعديل غالباً، وفي هذا ما يدل على صحة كلام ابن عبد البرِّ مِن قبول العلماء في

<<  <  ج: ص:  >  >>