للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر، لأن المراد بقوله " سترون ربكم يوم القيامة "، أي ستعرفون ربكم يوم القيامة كما تعرفون القمر ليلة البدر، فلا يجبُ أن يتعدى إلى مفعولين (١).

انتهى كلام المعتزلة، فمن أراد معرفة الحق في هذه المسألة، وكان من أهل الذكاء والفهم للأدلة الدقيقة المتعارضة نظر في كلام المعتزلة (٢) هذا وفي كلام أهل السنة السابق قبله، وجعل الفريقين كالخصمين، وكان كالحاكم بينهم بعد الجمع بين أطراف كلامهم والإنصاف في الحكم بينهم، ومن لم يكن كذلك، ولا كان أهلاً لذلك، فالإيمان بمراد الله تعالى على الجُملة يجزيه ويكفيه، والتَّعرُّض لما لا يُحسنُه يُطغيه ويُغويه، والله الهادي، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الوهم السابع عشر: قال أيده الله: وأما الإجبار، فهو ظاهرٌ من مذاهبهم (٣) هذا محمد بن إسماعيل البخاري قال في " صحيحه " في تفسير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] ما لفظه: ما خلقت أهل السعادة إلاَّ ليُوحِّدوني، وليس فيه حجة لأهل القدر (٤). انتهى.


(١) من بداية إيراد المصنف لآراء المعتزلة حول مسألة الرؤية إلى هنا حذف عمداً من (ش)، وتقدمت الإشارة إلى ذلك ص ٤٧٤.
(٢) قوله: " كلام المعتزلة " ساقط من (أ).
(٣) في (ش): مذهبهم.
(٤) نص كلام البخاري في " صحيحه " ٨/ ٥٩٨ بشرح " الفتح ": (إلا ليعبدون): ما خلقت أهل السعادة من أهل الفريقين إلاَّ ليوحدوني، وقال بعضهم: خلقهما ليفعلوا، ففعل بعض، وترك بعض، وليس فيه حجة لأهل القدر. قال الحافظ في " الفتح " ٨/ ٦٠٠ تعليقاً على قوله: " ما خلقت أهل السعادة إلاَّ ليوحدوني ": هو قول الفراء، ونصره ابن قتيبة في " مشكل القرآن " له، وسبب الحمل على التخصيص وجود من لا يعبده، فلو حمل على ظاهره لوقع التنافي ببن العلة والمعلول، وقال في التفسير الثاني: هو كلام الفراء أيضاً، وحاصل التأويلين أن الأول محمول على أن اللفظ العام مراد به الخصوص، وأن المراد أهل السعاده من الجن والإنس، والثاني باق على عمومه، لكن بمعنى الاستعداد، أي خلقهم معدين لذلك لكن منهم من أطاع، ومنهم من عصى.

<<  <  ج: ص:  >  >>