للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للظالم، فإنَّها عَيْنُ منفعته للمظلوم، ولهذه الأسرارِ وجب الاقتصارُ على ما ورد به السمع، وحرم التَّصرف فيه، والله أعلمُ.

قال الشيخ: التصرفُ الرابع الذي يجبُ الإمساكُ عنه: القياسُ والتفريع، مثل: أن يَرِدَ لفظ اليدِ، فلا يجوز (١) إثباتُ الكفِّ (٢) والساعد استدلالاً بأن هذا مِنْ لوازمِ اليَدِ.

فأهمُّ المواضع بالاحتياط ما هو تصرف في ذات الله تعالى وصفاته، وأحق المواضع بإلجام اللِّسان، وتقييده (٣) عَنِ الجريان ما عَظُمَ فيه الخَطَرُ، وأيُّ خطرٍ أعظم من الكفر؟

قلتُ: والأصلُ في هذا وأمثاله ما ثبت من طريق الحسنِ بنِ علي عليهما السَّلامُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: " دع ما يَرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ " (٤) وما في معناه.

قال الشَّيخ: الوظيفة السادسةُ في الكفِّ بعد الإمساك للِّسان، وأعني بالكفِّ: كفَّ الباطن عَنِ التفَكرِ في هذه الأمور، فذلك واجبٌ عليه، وهذه أثقلُ الوظائفِ، وهي واجبة كما وجب على العاقلِ أن لا يخوضَ غَمْرَةَ البحرِ اتِّكالاً على عادته في السِّباحة، فإنَّ معاطب البحر كثيرة، ومهالِكَه جمَّة، ويتفكَّرُ في أنَّه -وإن فاتته نفائسُ البحر وجواهرُه- فلم تفُته إلاَّ زياداتٌ وتوسعات (٥) في المعيشة، وهو مستغنٍ عنها، وإن


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): مثل الكف.
(٣) في (ج): ويفسده.
(٤) حديث صحيح، تقدم تخريجه في ٢/ ٣٧١.
(٥) في (ش): وتوسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>