للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهراً كاملاً لطلب حديث واحدٍ، وهو حديثُ القِصَاصِ بلغه عن عبدِ الله بن أنيْس فسافر إليه إلى مصر حتَّى سمعَه مِنْهُ.

وقد ورد في صحيح مسلم عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ومَنْ سَلكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهَا عِلْماً سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقاً إلى الجنَّة " (١) وقد ذكر العلماء فضل الرحلة، ومن أعظم ما يستدل به على فضلها قصة موسى -عليه السلام- في طلب الخضر (٢) -عليه السلام- فإنه لما قال الله له: إن لنا عبداً هو أعلمُ مِنْكَ، ارتحل في طلبه، وسأل اللهَ لُقياه، وقال لفتاه: {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: ٦٠]. والحقب: الدهر، وقيل: إنه ثمانون سنةً. هذا مع أنه كليمُ الرحمن، ومعلوم أنه لا يحتاج إلى الَخضِر -عليه السلام- في معرفة شيء من الحلال والحرام. فهذه رحلة في طلب الزائد على الكفاية من العلمِ وفيها دليلٌ للمستكثرينَ مِن طلب المعارف، وقد قال الله تعالى لنبيِّه -عليه السلام-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] مع ما آتاه الله تعالى من العلم العظيم. فإذا كان الأمرُ كذلك، فلا معنى للتَّخذيل من طلبِ فنٍّ من علومِ الدين وإيهام الضعفاءِ أنه مِن جملة


= أن في سنده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي وهو صدوق إلا أن بعض أهل العلم تكلم فيه من قبل حفظه، فهو حسن الحديث، وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (٩٧٠) وعلقه في موضعين من صحيحه من ١/ ١٧٣ في العلم: باب الخروج في طلب العلم و١٣/ ٤٥٣ في التوحيد وأحمد ٣/ ٤٩٥، والطبراني في " المعجم الكبير " والخطيب في الرحلة في طلب الحديث (٣١) وحسنه الحافظ في " الفتح "، ولعبد الله بن محمد بن عقيل متابع عند الطبراني في " مسند الشاميين " كما في " تغليق التعليق " ص ١٨٩٠ و١٨٩١ من طريق الحجاج بن دينار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وقال في " الفتح " ١/ ١٧٤: إسناده صالح.
(١) هو في صحيح مسلم (٢٦٩٩) في الذكر والدعاء: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر من حديث أبي هريرة.
(٢) تقدم تخريجه في الصفحة ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>