للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حفظها، ويوعِّرُ الطريق إلى معرفة معناها ولفظها.

الجواب الثامنُ: أنَّ كتب الحديث وغيرَها مِن كُتُبِ الإسلام موجودةٌ بحمد الله في خزائن الأئمة والعلماء -رضي الله عنهم-، فلو قَدَّرْنا موتَ أهلِ العلم والعدالة، لجاز لنا أن نعمل بما في الكتب التي كتبت العلماءُ الثقاتُ عليها خُطُوطَهم بالصِّحة والسَّماع متى عرفنا أنها خطوطُهم، أو غلب صحةُ ذلك على ظنوننا بِالقرائن، أو أخبرنا بذلك من نثق به، وهذه إحدى طرائقِ (١) الرِّواية وهي المسمَّاة بالوِجَادَة (٢)، وقد ذكرها الأصوليُّون والمحدِّثون.

وقال الإمام المنصورُ بالله -عليه السلام- في " صفوة الاختيار ":

فإن غلب على ظنِّه سماعُه، وعرف خطَّ شيخِه، أو خطَّ نفسه فيما يغلِبُ على ظنه أنها لا تقع إلا فيما سَمِعَه، فقد اختلفوا في ذلك، فحكى شيخُنا -رحمه الله- عن أبي حنيفة: أنه لا يجوز له أن يرويه ... إلى قوله: وحكى عن أبي يوسفَ ومحمدٍ والشافعيِّ جوازَ روايته، ووجوبَ قبولِ خبره، والعمل به، وهذا غيرُ بعيد على أصلنا، بل هو الذي نختارُه، لأن أكثرّ الأخبار والشرائع منتهاها على غالب الظنِّ، والدليلُ على


(١) في أ: طرق.
(٢) الوِجادة ليست من باب الرواية، وإنما هي حكاية عما وجده، والقول بوجوب العمل بها هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة، فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها، فإذا اطمأن طالب العلم إلى صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه وكان ثقة مأموناً وجب أن يعمل بما فيه من الأحاديث بعد التأكد من صحة أسانيدها، وسلامتها من الشذوذ والعلة. انظر " مقدمة ابن الصلاح " ص ٢٠٠ - ٢٠٢، " وتوضيح الأفكار "٢/ ٣٤٣ - ٣٥٢، وتدريب الراوي ٢/ ٦٠ - ٦٤، ومقدمة جامع الأصول ١/ ٨٧ - ٨٨، و" الباعث الحثيث " ص ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>