للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحفاظُ أحاديثَ الرقائق، لتسهيل ما يصْعُبُ على النفوس، وتقريبِ ما تباعد على أهلِ القُصور.

وقد تكاثرتِ الأحاديثُ النبوية في الحثِّ على ذلك، فكان -عليه السلام- إذا بَعَثَ سرِّيةً قال: " يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّروا ولا تُنَفِّروا " (١). وقال -عليه السلام-: " قارِبُوا وَسَدِّدُوا وأبْشِرُوا ". هكذا في الصحيح (٢).

ولَمَّا أخبروه: أن عمرَو بن العاص صلَّى بهم وهو جنابة، ولم يغتسل من شدَّة بردِ الماء. سأله -عليه السلام- عن ذلك. فقال: إني سمعتُ الله يقول: {لا تَقْتلُوا أنْفسَكُم} [النساء: ٢٩]. فضحك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٣). وهذا اجتهادٌ من عمروٍ، وعملٌ بالعموم. فلم يُعَنِّفْهُ -عليه السلامُ-


(١) تقدم تخريجه ص ١٧٣.
(٢) رواه بهذا اللفظ مسلم (٢٨١٦) من حديث أبي هريرة، وقد ورد بألفاظ أخرى عن غير واحد من الصحابة.
(٣) عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت إن أهْلِكَ، فتيممتُ ثم صليتُ بأصحابي الصبحَ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً} فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئاً. أخرجه أحمد ٤/ ٢٠٣، ٢٠٤، وأبو داود (٣٣٤) والدارقطني ١/ ١٧٨، والحاكم ١/ ١٧٧، والبيهقي ١/ ٢٢٦ من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن عمرو بن العاص. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن بن جبير لم يسمعه من عمرو فيما قاله البيهقي، وقد رواه موصولاً بذكر أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو الدارقطني ١/ ١٧٩، وابن حبان (٢٠٢) والحاكم ١/ ١٧٧، وإسناده صحيح على شرط مسلم، لكن ليس في هذه الرواية ذكر التيمم، بل فيها أنه غسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة، وقاله أبو داود عقب الرواية الأولى: روى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية، قال فيه: فتيمم، وعلق البخاري في صحيحه ١/ ٤٥٤ الرواية =

<<  <  ج: ص:  >  >>