للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوَّلِ أحوال النظر، وربما كان في حقه عليه السلام قبل بُلوغ التكليف على ما رُوِيَ في بعض الآثار، وليس يلزم من هذه الأشياء ما توهَّمته الاتحادية من أن الرب جل جلاله، الموصوف بالأسماء الحسنى، مجرد خيالٍ كالأحلام، وأنه لا حقيقة له إلاَّ الوجود المطلق الذي لا وجود له عند سائر العقلاء من علماء الإسلام وجماهير الفلاسفة. ألا ترى أن تمثل (١) جبريل عليه السلام على صورة دِحية لم يدلُّ على أنه لا ذات له البتة إلاَّ خيالية، وقد أوضح هذا في غير هذا الموضع.

ثم ذكر السيد الحديث الثاني، وهو مثل هذا سواء، إلاَّ أنه قال فيه: " فيكشف عن ساقٍ " (٢)، وهذا اللفظ معروفٌ في لغة العرب كنايةً عن شدة الأمر، وأما هنا، فلسنا محتاجين إلى الكناية، بل نرُدُّ ذلك كله إلى الملك، وقد شنَّع السيد على البخاري لقوله في روايته: " فيكشف عن ساقه " (٣)، وذلك بناءً منه


(١) في (ش): " تمثيل ".
(٢) قطعة من حديث مطول تقدم تخريجه في بحث الرؤية من الجزء الخامس.
(٣) قلت: هذه الرواية بهذا اللفظ أخرجها البخاري في كتاب التفسير من " صحيحه " (٤٩١٩) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سَمِعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يَكْشِفُ ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقاً واحدة ".
قلت: وقد انفرد سعيد بن أبي هلال بهذا اللفظ، ورواه غير واحد بلفظ: " ويكشف عن ساق "، وسعيد بن أبي هلال نقل الساجي عن أحمد قوله: ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث.
وقال الإسماعيلي كما في " الفتح " ٨/ ٦٦٤ في قوله: " عن ساقه " نكرة، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم بلفظ: " يُكْشَفُ عن ساق " قال الإسماعيلي هذا أصح لموافقتها لفظ القرآن، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء.
قلت: يعني بلفظ القرآن قوله تعالى في سورة القلم: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، قال عبد =

<<  <  ج: ص:  >  >>