للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رجوع الضمير إلى الله تعالى، وفي هذا الحديث الثاني ما ليس في الأول، " فيضع الرب قدمَه "، وتأويله على ما ذكرناه فيضع رسول الرب قدمه، وكذا قوله: " فيضع الجبار "، أي: رسول الجبار.

وقال العلامة ابن حجر في " مقدمته لشرح البخاري " في تأويل هذا الحديث: قدمه: الذين قدَّمهم لها من شِرَارِ خلقه. أي: للنار، فهم قدم الله للنار، وقيل في تفسيره: يأتيهما أمر الله فيكفهما عن طلب المزيد ويُسكن فورتها، كما يقال لكل أمرٍ أبْطلته: وضعتُه تحت قدمي، ومنه الحديث: " كل دمٍ ومأثَرَةٍ تحت قدمي هاتين " (١) أراد إعدامها وإبطالها وإذلال أمر الجاهلية. انتهى.


= الرزاق، عن معمر، عن قتادة: عن شدة أمر، وعند الحاكم ٢/ ٤٩٩ من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: هو يوم كرب وشدة، وقال الفراء في " معاني القرآن " ٣/ ١٧٧. حدثني سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قرأ: (يوم تكشف عن ساق) يريد القيامة والساعة وشدتها، (قلت: وهذا سند صحيح) قال: وأنشدني بعض العرب لجد أبي طرفة:
كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشرِّ البواح
وقال ابن قتيبة في " تأويل المشكل " ص ١٣٧: فمن الاستعارة في كتاب الله قوله عز وجل: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} أي: عن شدة من الأمر كذلك قال قتادة، وقال إبراهيم: عن أمر عظيم، وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجد فيه، شمَّر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشِّدَّة.
وقال النووي في " شرح مسلم ": فسَّر ابن عباس وجمهورُ أهل اللغة وغريب الحديث الساق هنا بالشدة، أي: يكشف عن شدة وأمر مهول.
قلت: واتفاق هؤلاء العلماء على تفسير الآية بما تقدم يقضي بأن لفظها غير مراد، وأنه ليس هناك ساق ولا كشف، وإنما هي كناية أو استعارة، ففيه ردٌّ على من ينفي وجود المجاز في القرآن الكريم.
(١) أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو أبو داود (٤٥٤٨)، وابن ماجه (٢٦٢٧)، وأحمد ٢/ ١١، وصححه ابن حبان (٦٠١١)، وانظر تمام تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>