للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّصرُّف الثالث: الذي (١) يجبُ الإِمساكُ عنه: التصريفُ، وشرحه: أنَّه إذا ورد قولُه تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ} [السجدة: ٤]، فلا ينبغي أن يُقال: مستوٍ ويستوي، لأنَّ في تغيير التَصاريف ما يُؤثِّرُ في تغيير الدلالات والاحتمال (٢)، فليجتنب التصرف كما يجتنب الزيادة، فإن تحتَ الزيادة نقصاناً وزيادة.

قلت: وعلى هذه القاعدة، فلا يُقال: إن الله تعالى مُرِيدٌ للقبائح، بل يُقتصر على أنَّه لو شاء ما عُصِيَ، وأنَّه (٣) لو شاء، لهدى الخلق أجمعين من غير تأويلٍ لذلك، ونحوه ممَّا ورد به السَّمعُ المعلوم، فإن مخالفةَ عبارات السَّمع تحتمِلُ أمرين:

إما تغييرَ المعاني، وهو واضح ها هنا، فإنّ قولنا: " ما شاء اللهُ كان " مدحٌ عظيم لَا يَصْدُقُ إلا على ربِّ العِزة جلَّ وعَزَّ، ولا يُشارِكه فيه غيرُه البتَّة، فكيف يستلزمُ وصفه بأنه مريدٌ للقبائح، وهذه صفةٌ يشتركُ فيها جميعُ أهل العجز والنقص مِنَ الخلق، ويختصُّ بها مفردةً أهلُ الخسَّةِ مِن الخلق، وما (٤) أفحشَ ما رامت المبتدعةُ مِنْ إلزام أهلِ السُّنَّةِ مثلَ ذلك، وقطعهم بأنَّ من قال: " ما شاء الله كان " مثلُ مَنْ قال: " إنَّه (٥) مريد للقبائح " وسيأتي بيانُ بطلان ذلك في مسألة الإِرادة، فمِنْ ثمَّ منعنا مِنَ الرواية بالمعنى في القطعيَّات، وخصوصاً في الأسماء والصِّفات، وإنِ اعتقدَ المعترض أنَّها سواء، وإن قلنا: إنَّ ذلك لا يجوز إلا لعالم بما


(١) في (ب): إنه.
(٢) في (ش): والاحتمالات.
(٣) " أنَّه " ساقطة من (ش).
(٤) في (ش): فما.
(٥) في (ش): بأنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>