للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التابعون، فإنهم عَلِمُوا (١) أنَّ الصحابة رَوَوْا ذلك، فَرَوَوْهُ عنهم، وما قالوا: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بل قالوا: قال فلانٌ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا، فكانوا صادقين، ولم يُهْمِلُوا روايتَه لاشتمالِ كُلِّ حديثٍ عَلَى فَوائِدَ لا نَقِفُ على حقيقتها.

قلتُ: ونطلب (٢) التَّوابعَ والشَّواهد، لعلها تَوَاتَر، كما قد كان (٣) ذلك، فأنَّى يُساوي هذا حكاية الظنون المنقدحة في الأنفس.

قلت: ولأنَّ العقول كما تحكم بالاحتياطِ في الخَبرِ عن ذات الله تعالى وصفاته ومرادِه في كتابه، وُيمنع (٤) إطلاق ظنونِ الخلق (٥) على كثرتها وتعارضِها لِمَا يَشْتَمِلُ ذلك عليه مِنَ المفسدة، فإنَّها -أيضاًً- تحكم بأنَّ ردَّ أخبارِ الثقات الذين لم تلحقْهُمُ التُّهمة بوجهٍ مِنَ الوُجوه أشدُّ مفسدة مِنْ ذلك، ولا سيَّما والقرآن شاهدٌ لأخبارهم في ذلك، إمَّا تفصيلاً، أو جملةً، فالتَّفصيلُ حيث تَوَارَدُ الأخبارُ والآياتُ على صِفَةٍ واحدة، والجملةُ حيث يَرِدُ الأثرُ بوصفٍ وردَ القرآن بنحوه، لا بمثلهِ، وأيضاً فمجموعُهَا يتواتر، ولو في المعنى الجُملِيِّ، كما قيل في شجاعة علي عليه السّلام، وجودِ حاتم.

قال الشَّيخ: وهذا تمامُ الكَفِّ عن التَّأويل والخوض فيه.


(١) في (ش): عالمون.
(٢) في (ج): ونطبع.
(٣) في (ب): قد كان قدمنا.
(٤) في (ش): ويمتنع.
(٥) من قوله: " كما تحكم " إلى هنا ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>