للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْوُوا عَنْ ظُنونكم، وضمائِركم، ونفوسِكم ما قالَتْهُ، وليس هذا في معنى المنصوص (١)، فلهذا نقولُ: ما روي عن غيرِ العدل مِنْ هذا الجنسِ ينبغي أن نُعْرِضَ عنه، ولا يُروى، ونحتاط (٢) فيه أكثر مِمَّا نحتاط في المواعظ والأمثالِ، وما يجري مجراها.

قلت: بل أكثر ممَّا يُحتاط في أحكام التَّحليل والتَّحريم.

والفرق بينَ خبرِ الواحد وسائرِ الظنون مجمعٌ عليه، فالأمَّةُ مُجْمِعَةٌ على أنَّ النص الذي يجبُ العملُ به، ولم يُعَلَّ (٣) بما يَقْدَحُ فيه مانِعٌ مِنَ الظَّنِّ الناشىء عن الاجتهاد، ومقدَّمٌ عليه.

ومنْ ها هنا وجب اعتبارُ الشهاداتِ حيث لا تُعْتَبرُ الظنون، فيحكُم الحاكمُ في الحقوق بشهادةِ عدلين، ولا يحكم بقيامِ قرينتين ظنيَتين، وفي حدِّ الزنى بشهادة أربعةٍ عدول لا بظهور (٤) أربع (٥) قرائن ظَنية.

ومُنتهي الأمرِ أن الشَّرع منع بعض الظنون، وأباح بعضها، وذلك تفصيل لِمَا أشارَ إليه سبحانه وتعالى في قوله: {إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثمٌ} [الحجرات: ١٢].

ثمَّ قال الشيخُ: الجواب الثاني: أنَّ تلك الأخبارَ رواها الصَّحابة، لأنَّهم سمعوها مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيناً، فما نَقَلُوا إلا ما تَيَقَّنُوه، وكذلك


(١) في (ش): النصوص.
(٢) في (ش): ولا تحتاط.
(٣) في (ش): يعمل.
(٤) من " بشهادة عدلين " إلى هنا ساقط من (ش).
(٥) في (ش): " أربعة "، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>