على مَنْ ذهب إلى أحد هذه الأقوال، فمن قويَ عنده بعضُها، فله العَمَلُ به، إذ ليس فيها ما هو مخالفٌ للإجماع القطعيِّ، ولا للنَّصِّ المتواترِ اللفظ، المعلومِ المعنى، فتعَرُّض السَّيِّد -أيده الله- للتشغيب بالكلام في هذه المسألة من جملة التَّعنتِ المنكر في كتابه، إذ لم يعهد من أهل هذا العلم إنشاءُ الرسائل إلى بعض منْ يخالِفُ في بعض مسائل أصولٍ الفقه مما الخلافُ فيه شائع بينَ الخلفِ والسَّلَفِ، لا سيما وقد أنكر السَّيِّد القولَ المشهور المعمولَ عليه عند الجمهور.
الثاني -وهو المعتمد في الجواب-: أن المختارَ الصحيحَ الَّذي قامت عليه الأدلة، ومضى عليه عملُ السَّلَفِ والخلف من هذه الأمة هو الاكتفاءُ في التعديل بالإطلاق، والدليلُ عليه وجوه:
أحدُها: أنَّا متى فرضنا أن المعدِّل ثقةٌ مأمون، وأخبرنا خبراً جازماً بتعديل رجلٍ آخر، فإنه يجب قبولُ قوله، لأنَّه خبر ثقة معروف بالعدالة والأمانة، فوجب قبولُ قولِه، كسائر أخبار الثقات.
وثانيها، أنه إمَّا أن يترجَّحَ صدقه على كذبه، أو لا، إن لم يترجَّحْ، لم يُقبل، لكن هذا التقدير لا يقع إلا مع معارضة غيره، وكلامُنا فيه إذا تجرَّدَ عن المعارض، وإن ترجَّح صدقُه، وجَبَ الحكمُ به، وإلا لزم المساواة بين الراجح والمرجوح، وهو باطل بالضرورة.
وثالثها: أن رَدَّ قَولِه تُهمة له بالكذب والخيانة، أو بالتقصير والإقدام على ما لم يَعْلَمْ، والفرض أنَّه عَدْلٌ مأمون، وتُهمةُ العدلِ المأمونِ بذلك محرَّمةٌ إلا لموجب، وما لا يَتِمُّ إلا بالمحرَّم لا يكون مشروعاً.
ورابعها: أن الله -تعالى- إنما شرط في الشاهد أن يكون ذا عدلٍ،